ظاهرة سلبية تمثلت على غير العادة المألوفة في مجتمعنا بترك الأمهات لأولادهن، فالبعض منهن غير آبهات بما يترتب على ذلك من فجوة نفسية أو تربوية تلحق بالصغار، بعد عشر سنوات طويلة وكأن شيئاً لم يكن.
كيف يطاوع قلب أي أم أن تترك أطفالها الثلاثة في عمر الروضة والصف الثاني والثالث، وتدير ظهرها لنائبات الأيام، هل جمّدت الخلافات الزوجية وبلّدت مشاعر الطرفين حتى عجزا عن تلافي مهاتراتهما التي أفضت إلى شرخ أسري ضحيته الأبناء.
أي صورة موجعة تلك التي رمت بأمومتها واغتالت عاطفتها وهجرت حنانها ودفئها، حين أوصدت مفاتيح الصلح، وتشنجت برأيها مخلفة وراءها ألف سؤال وسؤال؟
ما ذنب الجدة أم الزوج التي تجاوزت السبعين عاماً، أن تحمل أثقال وأعباء تربية صعبة لا طاقة لها بها لأحفادها، فهي من يحتاج الرعاية الحقة والاهتمام المطلوب؟
أين دور الأهل والأقارب والأصدقاء في إصلاح ذات البين؟
قد يقول قائل: إن حياة الزوجية لا تطاق مع زوج ربما فاجر، أو بخيل أو صعب المزاج حسب الوصف والتوصيف، وهنا قد تقع الملامة على الطرفين، لأن خبرتهما العاطفية فشلت في جني ثمار الألفة والمحبة، وغادرت ظلال السقف الذي جمعهما إلى بيادر القحط.
الزواج قبل ان يكون عشق وغرام بين المحبوبين هو مسؤولية روحية ومجتمعية وعهد وعقد صادق يترتب عليه جملة من القواعد والسلوكيات التي تراعي حرمة المؤسسة والشراكة الزوجية.
حالات عديدة من التفكك الأسري تجاوزت الحد المألوف، ربما ساهمت الظروف الموجعة في تفاقمها، لكن التربية في عرف العادات والتقاليد كانت تردع كل شذوذ يخدش محيط وجوهر الحياة الزوجية سابقاً على عكس ماهو قائم اليوم.
لنعد إلى بناء النفس كما الجسد ونعتني بمقدمات التوافق الصحيح المؤسس على مهنية الفهم وحرفة المعرفة وثواب الرأفة.
جلٌ من لايخطىء، وجلٌ من لا يغضب، فنحن بشر من لحم ودم نتأثر بعواطفنا لاشك، لكن علينا ألاٌ ندعها تخرج لتصل مسارب الندم، فشيء من الحكمة والصبر والتروي كفيل بالمحاكمة الذاتية والاعتراف بفضيلة التراجع عن الخطأ والمزاج المتقلب لكلا الطرفين.