كفراشات لاذت بالربيع، يستحضرون رشاقتهم قبل امتحان الباليه الأخير، بينما تتابع الطفلة الصغيرة “سما” لم تنتبه إلى تلك المرايا التي تحيط بصالة الباليه الواسعة إلا عندما اجتمع الأطفال حول مدربتهم الشقراء حاذرت استراق النظر إلى وجهها، وتابعت حركاتهم المتناسقة، بدا لها المشهد كأنهم يتسللون بخفة لالتقاط أولى اشعاعات حياتهم بشغف لا يحتاج فيما بعد حتى لتلك المرايا التي تحتضن صالتهم الآن.
من الواضح اتقانهم التحليق صوب فضاءات حرة، مع أنها مجرد متفرجة لكنها غرقت في لحظتها تلك، انه سحر الفن وسطوة حضوره، فكيف إذا اجتمع الرقص والبراءة معاً في مسار يؤسس لعمق فريد تبدو فيه خفة الراقصات وإرادتهم العفوية كأنهم لآلئ تغادر أصدافها مؤقتا كي تتقن حركتها، سرعان ما تعود لتحميها بيئة لطالما آمنت بالجسد الراقص.
حين يختلط التوق بالقناعة بالموهبة… يكسر التابوهات.. لا يمكنك الإفلات من هذا السحر المتلاعب بك بنشوة، تتشبث باللحظة كأنها لقيتك الأبدية، تأخذك الى عمق اتساعها، وتحرضك أنت الآخر على فعل شيء مغاير، مكنونات الأطفال وهم ينطلقون ليعانقوا النجوم، يردعك عن كلّ ما من شأنه أن يشل إرادتك، هل هو أثر تلك الحركات يبعثر إعاقاتك الذاتية…، لتبحث أنت الآخر عن لحظة انعتاق حقيقي.
ونحن نحتفل كما في كلّ عام في” 29″ نيسان، باليوم العالمي للرقص، نكتشف أننا لا زلنا نتشبث بقوقعتنا كي لا ننشطر عن ذات أتقنا التعاطي معها، والتأقلم مع خيباتها..
ولا يشفينا منها، إلا تلك الفنون الراقصة بلغتها الخفية التي تعانق أرواحنا بعيداً عن مسارات مجتمع ينمط أفراده، ولا يتفكك تنميطه إلا بإيقاعات راقصة حين يتوسع رجع صداها ننشغل بتلك الأصداف المختبئة في الزوايا المهمشة وقد نصرّ على أن تبقى مغلقة إلى أن يحين أوان الكشف عن لآلئها..!
رؤية – سعاد زاهر