إنها بوصلة الشهيد التي لا يمكن أن تخطئ أو أن تحيد عن وجهتها أبداً، يكفي أن يضبط الوطن وجهته نحو الشهيد حتى يُصحح مساراته وخياراته، وحتى تضخ شرايينه إرادة الحياة والعطاء والفداء.
هي بوصلة الشهيد التي ضُبطت على إيقاع النصر، يكفي أن تضبط الروح وجهتها نحو الشهيد حتى تحلق عالياً في مداراته التي ترسم الصورة، وتختصر الحكاية، و تختصر المسافات بين شهداء الأمس وشهداء اليوم، شهداء الأمس الذين قارعوا بتضحياتهم كل المستعمرين والغزاة والمحتلين، وشهداء اليوم الذين نافحوا وحاربوا بدمائهم كل وحوش الإرهاب التي تكالبت لنهش هذا الوطن وتقطيعه إرباً إرباً.
إنها بوصلة الشهيد، التي لطالما كانت تحدد المسار وتنير الطريق لكل السوريين الذين لم يتيهوا يوماً عن أهدافهم وقضاياهم وثوابتهم ومستقبلهم برغم العواصف والإعصارات والامواج المتلاطمة والعاتية التي أغرقت معظم من حولهم.
لطالما كانت علاقة السوريين بالشهيد والشهادة، علاقة متجذرة في عمق تاريخهم ووجدانهم، لأنهم كانوا على مر التاريخ المستهدفين في أرضهم ووحدتهم وتاريخهم وأمجادهم وقيمهم وهويتهم ومستقبلهم، ففي كل بيت حكاية شهيد وذاكرة وطن وأبجدية تضحية وشموخ، أجيال كانت تسلم الراية إلى أجيال حيث كانت البوصلة دوماً نحو الشهيد رمز العطاء والفداء والنبل.
كل دروب السوريين توصل إلى الشهيد في عليائه وكبريائه، وكل مدارات الشهيد توصل إلى أحلام وطموحات السوريين الذين أقسموا أن يصونوا الوعد ويحفظوا العهد وأن يواصلوا الطريق التي رواها الشهيد بدمائه حتى يعانقوا النصر الكبير على أعدائهم، وستظل روح الشهيد منارتهم وبوصلتهم التي ستهديهم إلى سواء السبيل مهما داهمهم الظلام وحاوطهم الغزاة والأعداء.