مسألة تسييس الشأن الإنساني في سورية، تتصدر اليوم قائمة الضغوط الأميركية والأوروبية، بعد فشل الغرب بتحقيق أجنداته السياسية عبر دعم الإرهاب، ومؤتمرات بروكسل، وآخرها النسخة السادسة تحت مسمى(مؤتمر بروكسل حول دعم مستقبل سورية والمنطقة) كلها تعقد تحت عنوان إنساني، ولكن في الحقيقة هي تهدف لمواصلة دعم الإرهاب، ومعظم العائدات التي تجمعها الدول المشاركة، تذهب للتنظيمات الإرهابية المتبقية من أجل ترميم صفوفها وعتادها، وليس للشعب السوري كما يتشدق القائمون على تلك المؤتمرات، فكيف تدعي تلك الدول مساعدة السوريين، وهي في الوقت ذاته تفرض بحقهم حصاراً اقتصادياً جائراً، وتقطع عنهم الغذاء والدواء، وبعضها يشارك في احتلال أجزاء من الأراضي السورية، وتنهب الثروات النفطية، والمحاصيل الزراعية؟.
انعقاد المؤتمر رافقه تأكيد أوروبي على لسان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بأن هذا الاتحاد ما زال ملتزماً بـعدم رفع العقوبات، وعدم المساهمة بإعادة إعمار سورية، وكذلك عدم إقامة علاقات دبلوماسية مع دمشق، وهذا يدحض كل المزاعم الأوروبية بشأن الحرص على مساعدة الشعب السوري، ويعني كذلك أن دول الاتحاد مصرة على التمسك بسياستها العدائية، ولا ترغب بتغيير سلوكها المخالف لقوانين الشرعية الدولية، وترفض أيضاً تغيير مقاربتها الخاطئة في التعاطي مع الحرب الإرهابية، وهذا تأكيد واضح على نيتها الاستمرار في نهجها الداعم للإرهاب، وعرقلة الحل السياسي، لاستمرار الأزمة وإطالتها إلى أمد طويل.
المؤتمر بنسخته السادسة تزامن أيضاً مع إقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن تمديد العقوبات الأحادية الجائرة ضد سورية لمدة عام آخر، والولايات المتحدة إلى جانب أتباعها الأوروبيين لا ينفكون عن الإدعاء بأن الهدف من وراء عقوباتهم الظالمة هو مصلحة المواطن السوري!؟، فهل تلك العقوبات والحصار الجائر، وقطع الغذاء والدواء عن السوريين وحرمانهم أبسط حقوقهم المعيشية تخدم تلك المصلحة؟، أليس المتضرر الأول والأخير من تلك العقوبات مهما كان شكلها ونوعها هو المواطن الذي يجهد لتأمين لقمة العيش في ظل هذا الحصار الظالم؟، كما أن (قيصر) العدواني ألا يمثل جريمة إبادة جماعية باعتباره يزيد من معاناة الشعب السوري؟، وهو خرق لكل القوانين الإنسانية والأخلاقية.
مؤتمرات بروكسل بنسخها المتعددة، تعطي إجابات واضحة حول مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية في سورية، وتوضح أهداف الدول المضيفة للمهجرين من وراء استمرارها باحتجازهم في مخيمات اللجوء على أراضيها، ووضع المزيد من العقبات أمام عودتهم، وممارسة سياسة الترهيب بحقهم لثنيهم عن مجرد التفكير بالعودة، لتتضح الحقيقة بأن مثل هذه المؤتمرات لا علاقة لها بالوضع الإنساني، وإنما ترتبط بأجندات سياسية، تسعى دول منظومة العدوان لتحقيقها تحت العباءة الإنسانية.