بعيداً عن كلّ التصريحات التي سبقت وأعقبت مؤتمر الحبوب السنوي .. وبعيداً عن كلّ حسابات حقول البعض غير المتطابقة وإلى حد بعيد وكبير جداً مع حسابات بيدر الفلاح .. وبعيداً عن كلّ دراسات التكاليف في الأجواء المكيفة والمكاتب المغلقة .. وبعيداً عن كلّ حالات الغبن وما لف لفها التي كادت أن تلحق بالفلاح .. وبعيداً وبعيداً .. جاء توجيه السيد الرئيس بشار الأسد ليعطي كلّ فلاح حقه قبل أن يجف عرقه.
بعيداً عن كلّ مخاوف الفلاحين وأرقهم وخشيتهم من حالة أية حالة بخس قد تلحق برزقهم، أو استخفاف بجدهم وتعبهم وشقاهم، ومعاناتهم الحقيقية في تأمين الأرصدة الكافية لحقولهم المزروعة من مادتي السماد والمحروقات .. بعيداً عن كلّ هذه المنغصات التي كان البعض يحاول زرعها شوكة في حلق الفلاحين، جاء التوجيه الذي أثلج صدور الفلاحين وأفرح قلوبهم ورفع سعر شراء كيلوغرام القمح إلى 1700 ليرة سورية مع منح مكافأة 300 ليرة لكل كيلو غرام يتم تسليمه من المناطق الآمنة ليصبح سعر الكيلو غرام 2000 ليرة إضافة إلى منح مكافأة 400 ليرة لكل كيلوغرام يتم تسليمه من المناطق غير الآمنة وليصبح أيضاً سعر الكيلو غرام 2100 ليرة.
القرار المناسب الصادر في التوقيت المناسب، كان له وقع الصاعقة والصدمة والزلزال أيضاً على رؤوس “الصعاليك” الذي كانوا يتربصون شراً بفلاحنا ومحصولنا الذي ستكون وجهته الأساسية والوحيدة والنهائية “اتجاه إجباري” مخازن ومستودعات المؤسسة العامة للحبوب والمؤسسة العامة للأعلاف باعتبارهما الجهتين المكلفتين رسمياً باستلام ذهبنا الأصفر “مع وبدون أجرام ـ ضمن النسب المحددة والمعلنة مسبقاً”.
هذا القرار الاستثنائي، يتطلب جهوداً وتحركات واتصالات وتعاون وتنسيق استثنائي .. يحتاج لأشخاص “بغض النظر عن صفتهم الوظيفية” مؤمنون وقادرون ومستعدون لتلقف هذه الفرصة الذهبية والعمل بروح الفريق الواحد وعلى قلب رجل واحد، وأن “زيوان البلد أفضل بكثير من الحنطة جلب” وأن استنفار كلّ طاقتهم وإمكاناتهم سيحول بكلّ تأكيد دون إهدار ولو حبة قمح واحدة .. وأن شعورهم العالي بالمسؤولية “وتطبيقها وترجمتها بكلّ تأكيد على أرض الواقع” سيمكن الشعب السوري أن يأكل مما زرع .. وسيزرع .. وأن يلبس مما سيصنع في قادمات الأيام.