ذاكرة .. جنايات الأزرق ثقافة ألقاب تساوي الدخيل بالأصيل …

الملحق الثقافي:

لا أحد يدري متى كان اللقب الأول الذي استخدمه الإنسان.. من باب أنه كائن استعاري لم يترك شيئاً إلا وأخذ منه وجعله لقباً أو صفة أو من هذا القبيل..لاسيما في عالم الكلمة والإبداع .. وكان هذا عبر الخيال واللغة.. وحين نطالع تاريخ ومحطات كبرى نجد أن اليوم ليس مختلفاً كثيراً عن الأمس فلكل زمان محنته و له ألقابه الصحيحة والدخيلة.. هذا شاعر حق وذاك شويعر على حد ما ينسب للمتنبي.. وذاك فارس.. وآخر دعي عابر مع أول غبار لمعركة يفر هاربا وقس على ذاك بين الأصيل والدخيل ثمة مسافات كبيرة .. ولكن الكل يطمح أن يكون على حال مختلف نوعاً ما…….
وربما يعود سبب هذه الجنايات التي يعاقرها الإنسان إلى أن الألقاب تعني المزيد من التميز والتفرد ومن باب أن الطموح حق للجميع يمكن القول : ما أروع أن تكون ألقابنا حقيقية وصحيحة.. ولكن مالنا نذهب بعيداً في الحديث عن الألقاب التي على ما يبدو أنها صارت تباع وتشرى منذ عهود قديمة..
ألقاب باعها الباب العالي ( المحتل العثماني ) وملأت اللغة والحياة الاجتماعية و فوجدنا ( الآغا والبيك و………..)
وكما أسلفنا الظاهرة ليست جديدة بكل ما فيها من أصيل وتزوير.. فمنذ امرىء القيس وربما قبله عشق المبدعون مثل هذا الأمر ( الملك الضليل، النابغة الذبياني و الخنساء، الأعشى، الأرقش ….الأخطل …..الجاحظ ….المتنبي ….كشاجم …… )
واليوم طفت على السطح ظاهرة الألقاب العلمية قبل غيرها، فمن الأستذة التي كانت ذات يوم إلى الراء وسحر حرف الدال الذي على ما يبدو أنه المفتاح عند بعض الجهات لتولي موقع ما فربما مر زمن لم تجد فيه إلا القاب ( الدكترة التي تعين بسحر الدال في مواقع كثيرة، وربما ذهب الكثيرون إلى الظن أنها أصغر الشهادات التي يحملها السوريون …….)
في هذا العالم الأزرق المغري والقاتل والعالم الذي قرب البعيد، وأبعد القريب، وطوفان مما يمكن قبوله أو رفضه عالم الفضاء الأزرق وتطبيقاته التي دخلت كل بيت وغدا الكثيرون منا غرباء حتى عن أنفسهم، إغراء أن تكون إعلامياً وكاتباً ومفكراً ومثقفاً متواصلاً من جهاز صغير و ترى العالم ويراك و بغض النظر عن الحالة التي تراه ويراك فيها، أهي زيف أم حقيقة ……..
إغواء أن تنشىء عالماً خاصاً بك تدور في فلكه ويدور كثيرون معك الظاهرة التي لايمكن السكوت عليها، ويجب أن يقرع جرس الإنذار عاليا وبقوة هي تساوي الدخيل بالأصيل وربما هنا علينا أن ننبه إلى أن حسب ما ينشر ليست موجودة هذه الظاهرة إلا في عالمنا العربي، ألقاب مجانية تمنح من وراء طاولة ومن جهاز صغير بيد مراهق أو متصاب العدة : بطاقات مصممة على شكل شهادات وأوسمة تمنح لهذا وذاك والقاعدة الأساس التي تبنى عليها الظاهرة الجديدة المنتشرة انتشار النار بالهشيم، منتديات وملتقيات فيسبوكية ومسابقات خلبية و هيئات ومنظمات أيضاً لاأحد سمع بها إلا من يديرها في هذا العالم الافتراضي ( جامعة، أكاديمية ……شاب يعترف أنه لم يصل المرحلة الإعدادية يؤسس ما يسمى أكاديمية، ويمنح ألقاباً..فارس.. شاعر.. ناقد.. سفير ………
استشراء الظاهرة
الظاهرة التي لم تجد من يقف بوجهها استطالت وكبرت حتى غدت عبئاً وكارثة تهدد بنتائج نلمس بعضها الآن، فهل يعقل أن نقرأ تطاولاً على الكثير من صلاحيات الدولة ومؤسساتها من قبل باعة ألقاب، هم في الحد الأدنى لايعرفون منها إلا اسمها، موقع، صفحة، ملتقى، لا أدري ماذا أسميه يمنح أوسمة ويقول إنها من الدرجة الممتازة، أي جرأة هذه .. وكيف أتيح له أن يفعل ذلك دون مساءلة….
تابع الصفحات الزرقاء فستجد كل يوم أكثر من مئة شهادة دكتوراة ( زعبرية ) زينت الصفحات ناهيك عن براءات التقدير والثناء لهذه الشاعرة وتلك الروائية وتدبيج عبارات الشكر من الأصدقاء الذكور، واللافت أيضاً أن شعراء لهم حضور فاعل يقعون في هذا الفخ، وهذا ما يدعونا لطرح السؤال التالي : من المسؤول عن هذا الهيجان ,وما أسبابه ..؟
لن ندعي القدرة على الإجابة، لكن لابد من دراسات نفسية واجتماعية علمية بخلفية سياسية وأمنية لمثل هذه الظاهرة من الماء إلى الماء وغايتها الكبرى تسخيف العلم والمعرفة، والناي بكل ما هو أصيل عن الواجهة وهنا على وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب أن يكون لهما موقف واضح وصريح، ولابد من العمل على إصدار تشريعات تعالج هذه الظاهرة وبعقوبات رادعة و هل من الصعوبة بمكان أن يصدر اتحاد الكتاب تعميماً يمنع أعضاءه من الوقوع بهذا الفخ، ووزارة الثقافة التي تقترح منح الأوسمة أن تفعل الشيء نفسه……..
للوهلة الأولى يظن المرء أنه في هذا العالم الأزرق الكل يحمل شهادات عليا، والكل حاز الأوسمة و الكل يمنح الكل، الجاهل للعالم، والجبان للشجاع، ومن يعرف أو لايعرف، بل ربما نتساءل : ما لهذا الخراب الفكري والثقافي وكلنا حملة دكتوراة وأوسمة …..من أين أتانا …..أحقا يصح القول : لقد تساوى الاصيل بالدخيل مع الفيسبوك، وكما قال من صنع المسدس : الآن تساوى الفارس بالجبان ……..إنها محنة الألقاب و ثقافة الوهم وصناعة التزوير واعتداء على مؤسسات الدولة ….فمن يضبطها …؟.
التاريخ:الثلاثاء17-5-2022
رقم العدد :1095

آخر الأخبار
توزيع سلل صحية في ريف جبلة مرسوم بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي مرسوم يقضي بالسماح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين بسبب الثورة بالتقدم بطلب... مرسوم بمنح الطالب المستنفد فرص الرسوب في الجامعات والمعاهد عاماً دراسياً استثنائياً مرسومان بتعيين السيدين.. عبود رئيساً لجامعة إدلب وقلب اللوز رئيساً لجامعة حماة   انفجارات في سماء الجنوب السوري منذ قليل إثر اعتراض صواريخ إيرانية أوقاف حلب.. حملة لتوثيق العقارات الوقفية وحمايتها من المخالفات والتعديات تفعيل النشاط المصرفي في حسياء الصناعية تحديد مسارات تطوير التعليم في سوريا تعاون  بين التربية و الخارجية لدعم التعليم خطط لتطوير التعليم الخاص ضمن استراتيجية "التربية"   تجارة درعا.. تعاون إنساني وصحي وتنموي مع "اينيرسيز" و"أوسم" الخيرية بدء توثيق بيانات المركبات بطرطوس الهجمات تتصاعد لليوم الرابع.. والخسائر تتزايد في إيران وإسرائيل صالح لـ (الثورة): أولى تحدّيات المرحلة الانتقالية تحقيق الاستقرار والسلم الأهل مشاركون في مؤتمر "الطاقات المتجددة" لـ"الثورة ": استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة ودعم البحث العلمي قتلَ وعذبَ معتقلين في مشفى المزة العسكري.. ألمانيا تحكم بالمؤبد على أحد مجرمي النظام المخلوع  "تجارة إسطنبول": نجري في سوريا دراسة ميدانية لفرص الاستثمار "الفيتو الأميركي".. هل حال دون اغتيال خامنئي؟.. نتنياهو يعلّق الفساد المدمِّر.. سرقة الكهرباء نموذجاً عطري: العدادات الذكية ليست حلماً بعيداً بل هي حل واقعي