لم يعد مستغرباً أو حتى مثيراً للاهتمام،، رغم تأثيره السلبي في الواقع الاقتصادي والمعيشي للناس، صدور قرارات زيادة أسعار المحروقات التي روجت لها بعض المواقع قبل يومين من صدورها وهو الخيار الأسهل بالنسبة لأصحاب القرار والأمر الذي لابد منه على حد قولهم.
اللافت في القرار الأخير أنه لم يطل سعر البنزين المدعوم، ما خفف قليلاً من الصدمة (مع تأكيد البعض أن الوصول لرفعه لاحقاً أمر وارد) وترافق مع قرارات اقتصادية مهمة كموافقة الحكومة على قرارات مؤتمر الحبوب والتوجيه بتصنيع 50 ألف طن من القمح لتأمين مادة البرغل في صالات السورية للتجارة بكميات كافية وأسعار مناسبة.
غير أن الأهم هو الإجراءات التي تتبع مثل هذه القرارات خاصة لجهة القدرة على ضبط الأسواق والأسعار فيها كي لا تترك مجالاً للمخالفين والمستغلين لهذه القرارات.
فالتجربة خلال السنوات السابقة تفيد أن قرارات رفع المحروقات تصدر من هنا وحالة الفلتان والفوضى تسود الأسواق لتتصدر -كما العادة- السوق السوداء والمتلاعبون فيها الواجهة، فلا يتوقف هؤلاء عند الزيادة المعلنة، فالكل يسعر على سعر يفوق السعر الجديد بأضعاف، والمحصلة مواطن يدفع الفاتورة الأكبر وعدم حصد نتائج الجزئية الواردة في قرار رفع سعر البنزين المتعلقة بعدم الاقتراب من سعر البنزين المدعوم لنعود للدوامة نفسها والتأثيرات الكبيرة والخطيرة لزيادة أسعار المحروقات المتبعة من الحكومة لسد عجز موازنتها على أسعار كل شيء في البلد.
وتزداد الضغوطات على المواطن مادامت خطوات وتوجهات الحكومة في دعم قطاعات استراتيجية كالزراعة والصناعة تبقى في حيز الكلام والتصريحات أكثر منها في جانب التنفيذ، ولعل خير مثال هنا استمرار قلة الإنتاج في مختلف القطاعات والصعوبات والمشاكل التي تواجهه، وأهمها التسويق وفشل الجهات المعنية غير المبرر حتى الآن في تنفيذ عشرات الخطط التسويقية لمواسم ومحاصيل زراعية مهمة تظهر نتائجه واضحة في فترات حصد منتجات زراعية عديدة لن يكون آخرها موسم الثوم الذي تهاوت أسعاره لمستويات كبيرة هذا الموسم بعد أن شهد ارتفاعات كبيرة في مواسم سابقة.
تفعيل الرقابة شبه الغائبة عن الأسواق أمر غاية بالأهمية واستمرار التراخي فيه سيفاقم من الآثار السلبية لقرارات زيادة الأسعار وعدم وجود رؤية واضحة لتجاوز معوقات العملية الإنتاجية يعني أننا أمام موجات غلاء جديدة يرافقها ثبات وصمود لدخول تكاد لا تسد أبسط مقومات الحياة وبالتالي لا راحة أو تقليل من معاناة الناس.