منذ بداية عملي الصحفي اخترت أن أوقع مقالاتي باسمي الثلاثي دائماً ( علي محمود جديد ) دفعاً لأي التباسٍ مع أسماءٍ متشابهة، فلدينا في العائلة العديد من الشباب يحملون اسم ( علي ) ومن الصعب التفريق بيني وبينهم دون ذكر اسم الأب.
ولحسن الحظ أنني لم أصادف طوال حياتي في العائلة ولا في غيرها اسم شخص آخر يتطابق اسمه مع اسمي الثلاثي، فبقيتُ من هذه الناحية بمنأى عن أي التباس.
ولكن الذي لم يخطر ببالي إطلاقاً أن اقع يوماً في فخّ الفاسدين الذين يبحثون دائماً في الدهاليز المظلمة عن أي ثغرة يمكن أن توصلهم إلى أهدافهم القذرة، ولكنني – لسوء الحظ – وقعت .. فماذا حصل ..؟
لديّ عقار برّي بسيط لا تتعدى مساحته / 500/ م2 وهو البقية الباقية من أرضي المُصادرة التي كانت واسعة، غير أن الجهات العقارية ارتأت انتزاع ملكيتها مني وتسجيلها – عند عمليات التحديد والتحرير – باسم ( الجمهورية العربية السورية ) لتغدو أملاك دولة، لأنني لم أكن أزرعها، ولا أدري كيف كان يمكن لي زراعتها وأنا في دمشق بينما هي قابعة في منطقة جبلة الساحلية..؟!
كنت أعتقد أنني أكتنزها إلى مثل هذه الأيام بعد انتهاء خدماتي وإحالتي إلى التقاعد لأزرعها وأشرف عليها عن قرب، أو لأبيعها وأستثمر ثمنها، فالمهم أن أجد أمامي في مثل هذه الأيام رافداً أستعين به فيما تبقى لي من الحياة، غير أن الجهات العقارية أولى وأعلم وأعرف بما هو أفضل.
ولا بأس فأنا سعيد فعلاً بأن اكتسبت أرضي اسم ( الجمهورية العربية السورية ) ومن قلبي ألف مبروك للجمهورية أرضي.
المهم بقي من هذه الأرض تلك القطعة الصغيرة وفيها العديد من أشجار الزيتون التي تعرّضت منذ سنوات لحريق أتى عليها، فنويتُ بيعها وتم الاتفاق مع صديق عزيز على ذلك منذ أشهر، وبدأنا بمعاملة البيع، وفي مراحل إجرائها تبيّن في الدوائر المالية أنه محجوز على أموالي، وفي الدوائر العقارية أنه محجوز على أملاكي، وأنا لا علم لي أنني فعلت أي فعلة تستدعي هذا الحجز .. المهم وبعيداً عن التفاصيل وبعد ( التي واللتيّا ) يتبيّن لدى الشباب أن الشخص المحجوز على أمواله وأملاكه ويحمل اسم ( علي محمود جديد ) هو ( علي محمود جديد ) ثاني وغير علي محمود جديد الذي هو أنا، وطبعاً لم نستطع الوصول إلى هذه المعرفة إلا بعد جهود وتكاليف.
ماذا يعني ذلك ..؟
هذا يعني أننا أولاً لم نستفد شيئاً من ابتكار الرقم الوطني الكفيل بتفريق أي شخص عن الآخر، ثانياً أن الجهات المعنية نسيت وتناست التعليمات الصارمة بهذا الشأن ولم تناسبها إذ كانت تعليمات قاطعة للأرزاق، والمشكلة أن الفاسدين على مشاربهم المختلفة يعتبرون أن الأموال كيفما أتت – بالحلال بالحرام – هي أرزاق، وهؤلاء لن يفهموا غير ذلك إن لم يكن سوط الحق وصوته يلعب في رؤوسهم .. ولكن كيف سيلعب؟.

السابق
التالي