الثورة – تحقيق سهيلة إسماعيل :
هل تتخيلون أنّ سكان بلدة “الرقامة” 30 كم جنوب شرق مدينة حمص يستيقظون كل صباح ويدعون الله ألا يكون اتجاه الرياح غربياً في بلدتهم ، لأنه إن كان كذلك فسيحمل لهم الروائح المُقزِزة الصادرة عن الحفرة الفنية الموجودة على بعد حوالي 300 – 400 م غرب البلدة. بدل أن يكون هواء البلدة عليلاً على اعتبار أن المكان بعيد عن تلوث المدينة وصخبها. أما داخل البلدة فهو ليس أفضل من خارجها ، لأنه حتى الآن لم تتوصل اي جهة إلى إيجاد حل لمشكلة مشروع الصرف الصحي في البلدة ما جعل السكان يعتمدون على الحفر الفنية فساهمت في تلوث الهواء والمياه الجوفية وبالتالي مياه الشرب.
* تلوث وأمراض..
وفي العام 2017 انتشرت الأوبئة والأمراض بين السكان نتيجة للتلوث الحاصل كالتهاب الكبد والتهاب الأمعاء واللشمانيا , وما زالت حالات التهاب الأمعاء مستمرة حتى اليوم. بينما الجهات المعنية، من مجلس البلدة وحتى وزارة الإدارة المحلية والبيئة تنتظر حلولاً جذرية يأتي بها القدر ليرفع عنها مسؤولية التأخير والتسويف والتريث .
*السكان : أعيتنا الأعباء المادية..
المواطن س.ا من بلدة الرقاما أكد أنه وبسبب عدم الانتهاء من تنفيذ مشروع الصرف الصحي في البلدة وما تسببه الحفر الفنية من تلوث يضطر هو وغيره لشراء مياه الشرب من صهاريج بأسعار تتجاوز العشرة آلاف ليرة ، وبالمقابل يضطرون لتعزيل الحفر الفنية الموجودة أمام منازلهم كبديل للمجرور بكلفة 75 ألف ليرة سورية للصهريج ،فكيف سيستطيع المواطن في ظل الظروف الحالية من غلاء معيشة وضعف الرواتب والأجور من دفع هذه المبالغ ؟ وكيف سيكمل أيامه حتى آخر الشهر ؟
بينما ذكرت ربة منزل من البلدة أن أطفالها أصيبوا بمرض التهاب الكبد بسبب التلوث التلوث الموجود في البلدة ، وأضافت أن مدارس البلدة خالية من المياه ،فهل يُعقل أن تبقى مدرسة بدون مياه ؟
وأضاف مواطن آخر ملقيا المسؤولية على البلدية في قضية تعزيل الحفر الفنية فهي تملك ” قاذورات ” لكنها معطلة ويمكن إصلاحها لتعزيل الحفر الفنية وبأسعار رمزية لتخفيف الأعباء المادية عن الأهالي .
بينما تحدث آخرون عن لا مبالاة المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي ازاء الوضع في البلدة . خاصة وأنهم يشترون مياه للشرب ولا يثقون بمصدرها . لكن ليس أمامهم حل طالما أن بلدتهم خالية من المياه ، ويبلغ عدد المشتركين الذين لا تصلهم مياه الشرب حوالي 775 مشتركا .
*مراسلات دون جدوى..
وبخصوص تعثر مشروع الصرف الصحي للبلدة كل هذه السنوات قال رئيس مجلس البلدة “حسين كوسا” : إن دراسة موضوع الصرف الصحي للبلدة موجودة منذ العام 2005، وكانت تقضي أن يتم تنفيذ محطة ضخ على أن تصب فيها كافة الخطوط , وفي العام التالي تم تنفيذ خط إسالة وخط ضخ لأنهما يقعان خارج المخطط التنظيمي للبلدة، وكانت كلفة إجمالي المشروع حينذاك 96 مليون ليرة سورية، وتم التواصل مع وزارة الإسكان “سابقا” حيث رسيَ المشروع على فرع الإنشاءات العسكرية في حماة، لكن وعلى نحو مفاجىء وصل كتاب يُطلب فيه التريث بإكمال تنفيذ المشروع بسبب ظروف
معينة في ذلك الوقت، وأضاف “كوسا” أنه في كل عام يتم إدراج المشروع ضمن خطة الوزارة لكن لا يتم تنفيذه لتبقى معاناة البلدة مستمرة ،:ومع أن طبيعة البلدة الجغرافية ساهمت بتأخير المشروع فمحيط البلدة مرتفع والوسط منخفض ، إلا أنه كان على الجهات المعنية إيجاد حل ،حيث تم مؤخراً تنفيذ 500 م بكلفة 5 مليون ليرة ، وبلغ طول الخط المنفذ حتى الآن 2,5 كم من أصل 9 كم . ولا يستطيع مجلس البلدة إكمال المشروع من الموازنة المستقلة لأن الكلفة أصبحت مرتفعة جدا في ظل الظروف الراهنة وما تشهده من غلاء الأسعار ، وأصبحت الـ50 مليون لا تكفي لتنفيذ 50 متراً.
*وعود ..و..وعود..
أما عن آخر مستجدات المشروع فقال “كوسا” : وعدتنا وزارة الإدارة المحلية والبيئة بقرار تنفيذ المشروع وإكماله من قبل إحدى المنظمات الدولية لكن لم يحصل شيء من هذا القيبل حتى اليوم. منوهاً إلى صعوبة الوضع البيئي في القرية مع وجود الحفر الفنية بين المنازل وجود حفرة فنية كبيرة للصرف الصحي في الضاحية السكنية في قرية الشعيرات وهي في الجهة الغربية من البلدة ولا تبعد عنها كثيراً ، وتشكل الحفرة المذكورة مكاناً ملائما لتكاثر البعوض والحشرات الضارة ونشر الأوبئة والأمراض هذا عدا عن تلويث المياه الجوفية .
*شبكة المياه الحلوة سيئة..
وفيما يخص مياه الشرب قال رئيس مجلس البلدة: هناك ضعف في مياه الشرب مع أنه تم استجرار خط من قرية الديبة المجاورة إلا أن الشبكة سيئة جدا . وهنا يضطر الأهالي لشراء مياه الشرب من الصهاريج الجوالة وهي غير موثوقة , بالإضافة إلى أن المياه الموجودة في البلدة ملوثة بسبب حفر الصرف الصحي .
وهذا بدوره سبب انتشار الأوبئة والأمراض .
*محافظة حمص : لا علاقة لنا..
وفي اتصال هاتفي مع عضو المكتب التنفيذي المختص بالصرف الصحي في محافظة حمص قال : لم يعد لنا علاقة بقضايا الصرف الصحي. وإنما أصبحت الشركة العامة للصرف الصحي هي المسؤولة عن المشاريع وخاصة من ناحية التمويل .