في هذا الفضاء الكوني المترامي بلا حدود ثمة فضاء آخر أيضاً له زرقته لكنه من صنع الإنسان وعقله ..
وكما الكون الأرضي باتساعه فيه المحيطات والبحار والأنهار والينابيع العذبة وفيه المستنقعات الملوثة، أيضاً ذاك الفضاء الازرق الذي ابتكره الإنسان ونعني به دون شك الفضاء المعلوماتي أو الإنترنت بمشتقاته من الفيسبوك إلى تويتر وتلغرام وما يمكن أن يكون ذات يوم مع التطور التقني الهائل.
في هذا الفضاء ثمة أنهار وبحار ومحيطات عذبة وأيضاً فيه مستنقعات أكثر من ملوثة تنشر عفن الكثيرين من المستخدمين ويشي ما ينشر على أمراض نفسية لا تحتاج عيادات أطباء نفسيين أبداً.
من خلال جردة سريعة ومتابعة لجدران العرض أو الصفحات تقرأ اللوحة المشوهة بدءاً من حب الاستعراض وجمع ( اللايكات) بأي وسيلة كانت ..وعلى سبيل المثال يقع حدث ما تسمع به الدنيا كله .. يأتي من يضع بوست ويردف: التفاصيل في التعليق الأول..
وآخر يكتب علق بنقطة ليصل إليك..والثالث يبتكر حكايات لا معنى لها وينهيها بالقول: التتمة في الجزء الثاني ..
وفوق هذا وذاك التشويه الذي لا يقف عند حد للغة والكتابة بخليط من الحروف الهجينة بين العربية والأجنبية …وأشنع ما في الأمر أن تكون الكتابة مشوهة ( انتي ..اسمهو ..عليهو …عليكن الخ ) يؤسس هذا الخراب اللغوي لتشويه الهوية الثقافية واللغوية والمجتمعية، وهو حقيقة إن دل على شيء فإنما يدل على فصام نفسي وثقافي وعلى خواء فكري وروحي نعيشه وعلى ازدواجية تكاد تطالنا جميعا..
بعضنا ما أروعه على جدران الفيسبوك ينظر بالقيم والوطنية وغيرها وهو أبعد الناس عنها …ويروى أن امرأة طلبت صداقة زوجها باسم آخر، وبدأت رحلة الدردشة لتكتشف أنه يتحدث عن المساواة واحترام المرأة والتقدير وغير ذلك من القيم التي لا يتحلى بشيء منها ..
لتكتب هي كم تمنيت لو أنه زوجي …لكنه فعلاً زوجي إنما بوجه نفاق آخر…
عالم أزرق فيه النقي العذب الرقراق كما فيه من الإشنيات والطحالب الكثير…