على خطا الولايات المتحدة، أعلنت ألمانيا على لسان مستشارها أولاف شولتس، بأنها ستزود أوكرانيا بأحدث أسلحتها، من بينها “أنظمة الدفاع الجوي IRIS-T الحديثة”، في سياق الدعم الألماني العسكري للنظام النازي في كييف، وقبل ذلك تعهد شولتس ببناء “أكبر جيش في أوروبا” بين دول الناتو، وأعلن تخصيص حكومته 100 مليار يورو لتحديث الجيش الألماني، ما يعد انقلاباً جذرياً في السياسة الألمانية في ضوء التزامها بشروط الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، والقيود التي فرضوها على العسكرة الألمانية خشية من عودة النازيين إلى السلطة.
اليوم، ومع عودة الحركات اليمينية الألمانية المتشددة إلى الساحة السياسية والعسكرية، في ظل صعود سياسيين وعسكريين يفكرون بعقلية الحقبة النازية، يبدو أن شولتس، إضافة إلى أعضاء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، باتوا يحنون إلى تلك الحقبة السوداء في تاريخ البشرية، ويشجعهم على ذلك الدعم الأميركي والبريطاني للنازيين الجدد في أوكرانيا، والدول الأوروبية، لا شك بأنها ترغب كثيراً بأن تعود ألمانيا قوة عسكرية كبيرة، تحت ذريعة حماية الأمن الأوروبي المزعوم، ولاسيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
الدعم الألماني للنازيين الجدد في أوكرانيا، ليس الشاهد الوحيد على حالة حنين السياسيين والعسكريين الألمان إلى الحقبة النازية، فقد سبق ذلك، الدعم الألماني للتنظيمات الإرهابية في سورية، في عهد أنجيلا ميركل، وهو ما كشف تجذر النزعة العدوانية والإجرامية داخل أروقة السياسة الألمانية، وكلنا يتذكر كيف استقبلت الحكومة الألمانية آنذاك متزعم تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي خالد الصالح، مع عدد آخر من الإرهابيين وعائلاتهم، بهدف حمايتهم، والعمل على إعادة تدويرهم لتكليفهم بمهمات إرهابية أخرى، وربما تكون أوكرانيا مسرحاً اليوم لعملياتهم الإجرامية.
في بداية الحرب بأوكرانيا، كان واضحاً التردد الألماني في إرسال الأسلحة والعتاد إلى نظام كييف، ولكن بعد مرور نحو ثلاثة أشهر ونيف على بدء العملية العسكرية الروسية، باتت ألمانيا إلى جانب بريطانيا والولايات المتحدة تتصدر الدول الأوروبية بتقديم السلاح الحديث والفتاك، وهذا يشير إلى أن واشنطن ومعها عواصم أوروبية أخرى، أعطت الضوء الأخضر لألمانيا كي تعيد بناء جيشها، طالما أنه سيكون في خدمة النازيين الجدد في أوروبا لمواجهة روسيا، من دون الاكتراث للعواقب الأمنية والاقتصادية على القارة العجوز، فالغرب بمعظمه بات يفكر بالعقلية النازية، وألمانيا يبدو أنها تعطي لنفسها الحق في رفع شارة النازية مجدداً.