الثورة _ فاتن أحمد دعبول:
رغم أن العنوان يشي بالحديث عن الحب ومعاناة المحبين وما يعتلج في نفوسهم من أرق المحبين وعذاباتهم، لكننا نفاجأ بأن المحاضر د.محمد ياسر شرف يبدأ الحديث بأن موضوعه” أدب الحب المؤلم” الذي يستضيفه فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، بإدارة الأديب أيمن الحسن، لا يستخدم لغة النقد الشائعة في أبحاث اللغويين، علما بأن البحث يتصل بالأدب، بل يفعل ذلك من خلال وجهة نظر” علم التحليل النفسي”.
وعليه يرى الحب بأنه نوع من المشاعر الإنسانية، يفضل وجوده على غيابه، ويتخذ مظاهر متعددة، وآثر بدوره أن يتناول موضوعة الإبداع الفني من خلال منظورين اثنين، الأول، ويشمل الأوضاع البيئية والمجتمعية المحيطة بتأثيراتها المختلفة، والأمر الثاني هو حركة الفاعلية” العقلية، النفسية” التي يصدر عنها الإبداع الأدبي بمؤثراته المتعددة، ويحمل في داخله عناصره القيمية ذاتها.
يقول د. محمد ياسر شرف بأن كل شخص يلاحظ نفسه على المستوى السلوكي، ويمكنه تحديد وجود طاقة نفسية محددة لديه يتم التعامل معها تبعا لأسلوبين مختلفين يحققان” توازن الشخصية” التي تكون مصاحَبة باللذة أو الألم، بالسعادة أو الاكتئاب، السعادة أو الحزن، وغيرها من حالات ترد إلى الأصول ذاتها.
ويركز الكاتب على المشاعر المختلطة المتداخلة لدى الشخص الإنساني المبتكر، والتي يعود إليها الفضل في تقديم الأثر الإبداعي ونقله من حيز الفكرة إلى مستوى الواقع التعبيري، وهنا يظهر طريقة تعامل الكاتب مع موجودات العالم الخارجي المادية واللامادية، معتمدا في ذلك على جملة من المختزنات الواعية أو شبه الواعية ذات الأصول المتباينة التشكيل والتكون.
ويتوقف بدوره عند” ظروف الكتابة” التي ترتبط بمفهوم الإبداع والإلهام خلال فترة زمنية طويلة من حياة النقد والأدب، ولاسيما عند النقاد الذين استعانوا بمصادر ما سموه” ما وراء الطبيعة” لتسويغ أحداث طبيعية وإنسانية أربكتهم.
ويؤكد شرف أن الإلهام” آلية دفاعية” تحدث في حدود رقابة الشعور على المخزون النفسي، ويمكن القول إن تأثير أي واحد من المنتجات الأدبية يختلف تبعا للشخص المتلقي وظروفه النفسية والبيئية والاقتصادية والتربوية، والأرضية المعرفية التي يرتكز عليها كاتب التجربة ومتلقيها، والمناهل الفكرية والثقافية المشتركة أو المختلفة بينهما، لذلك تتميز بعض الأعمال عن غيرها بتأثير الظروف المجتمعية والمعتقدات الفردية وغيرها.
وعرض الأديب لمجموعة من الأبحاث التطبيقية لبيان جوانب من أشكال الاستفادة من النظريات المطروحة، ومن هذه الأبحاث” أشهد أن لا امرأة إلا أنت” نزار قباني”، نداء الرحيل” عبد الواحد الصالح”، الحب لا يكفي” محمود عيسى المشهدي ..
وجدير ذكره أن مؤلفات الأديب محمد ياسر شرف قاربت المئة مؤلف، ومنها “ابن طفيل في موقفه الفلسفي، الاجتماع الإنساني، الاحتراق باتجاه الآخر، أدب الحب المؤلم، الأدب والتحليل النفسي، مراجعات في التراث، ومستقبل الشعر” والقائمة تطول.
ساهم في تأسيس العديد من دور النشر ومراكز البحوث والدراسات في سورية، عضو جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب، ويشغل منصب مستشار الهيئة التدريبية و الإشرافية في مركز الأعمال الأوروبي للتدريب والتطوير.