الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
برغم كثرة الأوابد الأثرية في سورية إلا أن أغلبنا يعيش حالة جهل أثري، حيث أننا لا نعرف إلا القليل عن بعض المناطق الأثرية، فنقف اليوم أمام مدينتين لعبتا دور الريادة في تاريخ سورية والعالم العربي، من خلال محاضرة للدكتور الباحث “خليل المقداد” بعنوان “بين بصرى وتدمر” التي ألقاها على منبر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب.
أشار الباحث للبعد الجغرافي والتاريخي للمدينتين، وتناول أصل السكان ومسار الأحياء، وتأسيس البنية الحضارية في الشوارع والمعابد والمعسكرات، مما دل على عظمة هذه المدن لأنها إرث تاريخي وحضاري وأثري..
سنورد بعض ما طرح “المقداد” فيها:
أولاً التطور العمراني للمدينتين، كان تدريجيا انطلاقاً من المناطق التي تحيط بالنبع بشكل يتناسب مع تزايد عدد السكان، ومع كل مرحلة يتم بناء سور، أو تهيأت جدران حماية، تقوم مقام السور على شكل جدران مغلقة من الخارج، مفتوحة على الداخل، وقد بلغ امتداد كل واحدة من الشرق إلى الغرب حوالي 2كم، ومن الشمال للجنوب 1كم تقريباً، أما محور المدينة أو المحاور الرئيسية فيها، فقد لعب النبع ومن ثم الطرق التجارية الدور المركزي في تحديده إضافة إلى الجهات الطبيعية..
ففي بصرى كان المحور الأول يأخذ اتجاه النبع ثم طرق دمشق البتراء وذلك بخصوص جهات الشمال والجنوب، أما المحور الثاني اتجاه شرق غرب فقد أخذ طريق البحر المتوسط والجزيرة العربية .
وكذلك الأمر في تدمر فنجد النبع وطريق دمشق حمص والفرات هو الذي حدد اتجاه المحور الرئيس في المدينة باتجاه الشرق والغرب وساعد على ذلك أيضاً وادي القبور.
وأضاف: بأن كلتا المدينتين كانتا عبارة عن نموذج للمدينة الكلاسيكية فالهلينستية، كل واحدة شكلت في مرحلة من المراحل حيين متباعدين أحدهما الحي السكني الغربي والذي يعرف في بصرى بالحي الآرامي ، والثاني في الشرق وهو حي القصور والمعابد والأغنياء والذي وجد في تدمر في موقع معبد بل، وكذلك في بصرى في موقع المعبد النبطي والحي الوسط أصبح حي الخدمات.
وكانت تلعب في أهمية الأحياء وجماليتها أهمية القبائل والطبقات التي تسكنها..
وعن شوارع بصرى ففيها شارعان رئيسيان وستة شوارع فرعية متقاطعة معها، ويعتبر الشارع الرئيسي شرق/غرب العمود الفقري للمدينة، وكل تقاطع لهذه الشوارع مع الشارع الرئيسي يتميز ببناء مجمل..
وعن سبيل الماء يقول كان لبنائها في المدن أسباب متعددة، ومنها تجميلية، وتزويد المارة بمياه الشرب الصافية والعذبة على مدار الساعة، وكذلك لملء المطرات أو الجرار بالمياه ونقلها إلى المحال التجارية أو المنازل ، أو ترطيب أجواء الشوارع والأروقة ، وقد تم العثور في تدمر على اثنين منها الأول جاء موقعها محاذيا للشارع الرئيس وإلى الغرب من القوس بمسافة 68م ومتقدمة فوق الشارع على حساب الرصيف الشمالي تتقدمها واجهة معمدة من أربعة أعمدة فخمة تتركز على قاعدة..
أما المسارح فلم تعرف في تدمر إلا مسرحاً واحداً في وسط المدينة وقد جاء محاذياً للشارع الرئيسي الذي يرتبط معه برواق مشترك وفي هذه الحالة متوافقاً مع مسرح مدينة درعا ومسرح مدينة أوسيتا في إيطاليا..
التالي