الثورة- سلوى إسماعيل الديب:
استيقظت من ذهولها على هول الكلمات: كتلة خبيثة ويجب استئصالها بأسرع وقت.
على أي أساس استندت يا دكتور لا يوجد مورثات في العائلة لا عمات ولا خالات أصبن به، هل تعي ما تقول يا دكتور أسامة؟
نعم هذا ما ظهر في الصور ولا مجال للخطأ.
لم تصح من صدمتها إلا وهي تلملم أشياءها من صور وأوراق، لتتوجه لعيادة طبيبها المعالج “ناصر إدريس” والدمع يجري بأسرع من خطواتها، لتتذكر بداية ما جرى معها: مجرد كتلة صغيرة في ثديها أزعج وجودها، لتستعين بقريبتها الممرضة كي تدلّها على طبيب جيّد، ويقع الخيار على الدكتور “ناصر” الذي شكّ بأنها كتلة غير سليمة، وليقطع الشك باليقين، أرسلها للتصوير واستبيان حقيقة الأمر، فعندما وصلت لعيادته في مشفى الباسل أعاد حديث زميله، وأكّد على ضرورة السرعة في إجراء الاستئصال، حاولت أختها المماطلة وعدم إخبارها، لكن “لارا” أصرّت على الطبيب معرفة الحقيقة، وإنها تمتلك الكثير من الشجاعة لتواجه الأمر.
هكذا بدأت رحلة الشابة ( لارا العباس ) مع مرض سرطان الثدي، حيث قرّرت إجراء عملية الاستئصال في اليوم الثاني، لكن تحت ضغط ذويها، ليشاء القدر تأجيل الموعد ثلاث مرات، ونزولاً عند إلحاحها وافق الدكتور “ناصر ” إجراء الخزعة بعد موافقة طبيب الأمراض الخبيثة “حسن عبد القادر حسن”، فيجري العمل الجراحي، وتصحو بعد الجراحة لتجد حولها أخوتها الجرحى، الذين رافقتهم منذ عام 2014 حيث أصيب أخوها في إحدى المعارك ودخل المشفى العسكري لترافقه وتكون على بيّنة بأوضاع الجرحى وحجم معاناتهم، إذ كان لها العديد من المشاركات على مستوى المحافظة بتنظيم رحلات للجرحى وملتقيات، وهي برغم من مرضها لم تتوقف عن نشاطها الإنساني ومساعدة الجرحى، فأكملت دراستها رسالة الماجستير في السياحة في جامعة البعث.
ومن أصعب اللحظات التي واجهتها تساقط شعر رأسها ورموشها وحاجبيها خلال العلاج بالجرعات الكيمياوية، وبالبرغم من تواصلها مع العديد من السيّدات اللواتي خضن التجربة، ومحاولاتهم التخفيف عنها بأنّ كل شيء سيعود كالسابق ، حتى أن بعض السيّدات أنجبن بعد مضي خمس سنوات…
وكان أكبر خطأ واجهته هو أخذ الخزعة حيث أن السرطان انتشر في الثدي، وأوقفت الجرعات انتشاره، فلم تيأس من فكرة عدم استئصال الثدي كاملاً وألحّت بأن تستأصل الكتلة فقط، فسافرت إلى اللاذقية ودمشق لتجري استشارات أطباء مختصّين، ليطلب منها طبيب في اللاذقية، إجراء العملية وتقييم الوضع خلال العمل الجراحي فإذا كان غير منتشر تستأصل الكتلة فقط وبحال العكس ينزع الثدي كاملا وهذا ما حدث حيث استأصل الثدي كاملاً، على أمل أن تعود لتركيب ثدي بعد مضي عام.
وكان أكبر الداعمين لها في رحلة شفائها بعد والدتها وعائلتها صديقها الجريح “لمك الجحي” والعسكري المتطوع “علي خليل”، برغم رفضها الدائم الانضمام لأي جمعية أو فريق عمل، فكان عملها فردياً وبدعم من المحافظ وأمين فرع الحزب في محافظة حمص، لم تكن تغالي في الطلبات للجرحى من مبدأ إذ أرادت أن تطاع فاطلب المستطاع، فهي أخت جريح وأخت زوجة شهيد..
ولكن عزاؤها هم أصدقاؤها الذين لم يترددوا بالسؤال عنها وزيارتها سواء الجرحى وغيرهم من كل المحافظات.
مما أعطاها دفعاً وقوة لمتابعة دربها بعد شفائها الكامل من المرض في مساعدة الجرحى وهي أكثر إرادة وإصرار..