يائسون… أشبعوا العالم إبداعاً

الثورة – هفاف ميهوب:

في روايته “زوربا”.. يمنح الأديب اليوناني”نيكوس كازانتزاكي” رؤيته لبطله، وبأن جميع البشر يخوضون بشكلٍ يومي حروباً هائلة، تستنزف كلّ طاقاتهم، وتُشعرهم بالحاجة إلى من يخفّف عنهم يأسهم وبؤسهم، ودون أن يجدوا من يمتلك الوقت أو الشجاعة أو حتى الحبّ، لمنحهم ما يحتاجونه ويخمد ولو قليلاً من حرائق هذه الحروب المتنوعة والفظيعة..
إنه فقدانٌ للأمل، والامتلاء باليأس الذي أصاب أغلبية الأدباء مثله، ممن وكأنهم وافقوا دعوته: “علينا أن نتخلى عن الأمل، لأننا غالباً نخسره، ونخسر معه الرغبة في المحاولة من جديد..”..
نسأل هنا: “ألا يتشابه يأس وبؤس المبدعين، مع يأس وبؤس كلّ البشر؟…
أعتقد بأنه يتشابه جداً، حتى في الظروف التي يعود أغلبها، إلى التربية الطفولية القاسية، أو الأمراض والمعاناة، أو الظروف الاجتماعية والحياتية والاقتصادية..
نعم يتشابه، إلا أن أحاسيس المبدع أكثر تأثّراً، ورؤاه أشدّ عمقاً، ما يميز كلماته ببلاغتها، وبالبراعة في رسالتها:
“نحن بائسون كأطفالٍ ضائعين وتائهين فى غابة.. ماذا عساك تعرف عن الحزن الذي بداخلي، وماذا بوسعي أن أعرف أنا عن أحزانك؟.. وإذا ارتميتُ أرضاً باكياً ومُنتحباً وأنا أُخبرك بالمزيد عمّا أُعانّيه، ما هي الأشياء الجديدة التى ستُدّركها عني، أكثر من أن يخبرك شخص بأن الجحيم، ساخن ومرّوع؟”..
إنها إحدى رسائل “كافكا”ّ.. الكاتب التشيكي المعروف برائد الكتابة الكابوسية أو السوداوية، وبانعزاله ويأسه وتشاؤمه، حتى في رسائله إلى حبيبته.
مبدعٌ آخر يائس، لكن رغبته بالحياة دفعته للسعي ولو بالحيلة، لمغالبة المحن “متخيّلاً ألف مهرب، وألف طريقة للإفلات من القدر.. ولكن كيف يمكن للإنسان أن يهرب من قدره المحتوم؟”..
هذا ما تساءل به الكاتب الأرجنتيني “إرنستو ساباتو” الذي صدمه الواقع الجحيمي حتى في تطوّره، وإلى الدرجة التي جعلته يشعر، بأن لا معنى لأي شي لطالما “على كوكبٍ صغير يسير نحو العدم منذ ملايين السنين، نولد وسط الأيام ونترعرع، ونُجاهد، ونمرض ونسبب الألم للآخرين، ونصخب ونموت”.
لم يكن كلّ هؤلاء وحدهم، من أبدعوا بعد أن أحالوا كلّ لحظات يأسهم وآلامهم إلى أعمالٍ عظيمة، فالغالبية الأشهر ليس من أدباء العالم فحسب، بل ومن شعرائه ومسرحييه وفلاسفته وحكمائه، اعتنقوا اليأس حياة رفض الفرنسي “ألبير كامو” الاستسلام لليأس فيها، بل واجهه برؤيته:
“لا بدّ لنا من حبٍّ.. حبٌّ واحد عظيم في حياتنا.. إن ذلك يعطينا فرصة للهروب من جميع اللحظات التي نمتلئ فيها باليأس المميت”.

آخر الأخبار
زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"