سورية وأوكرانيا..لا مجال للمقايضة

أُطلق الكثير من التحليل السياسي بأن روسيا قد تقدم على مقايضة في عملية المفاضلة بين سورية وأوكرانيا، ويروج الإعلام الغربي ومن يرتبط به بأن روسيا “المنخرطة والغارقة” في الوحول الأوكرانية على مشارف العاصمة موسكو ستكون مضطرة للاختيار بين التمسك بالمواجهة مع الغرب في سورية وأوكرانيا التي تشكل أولوية جيوسياسية بالنسبة لها.

في الحقيقة هذه التحليلات هي مجرد أمنيات لا تقترب من الواقع، فسورية ليست أوكرانيا والعكس صحيح، وبالرغم من أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فإن سورية تشكل قوة متقدمة لا يمكن لروسيا التخلي عنها ولا التفريط بها، وقد أثبتت الحرب الأوكرانية ذلك، وخصوصاً في حرب الحصار الغربي وإغلاق المضائق والأجواء الأوروبية أمام حركة السفن والطائرات الروسية.

تشكل سورية بالنسبة لروسيا المنفذ على العالم من البحار الدافئة بعيداً عن تحكم الدول الغربية، وتمنحها قدرة إضافية على التأثير في مسرح الأحداث الدولية وإعادة تشكيل النظام العالمي الجديد الذي بدأت ملامحه تتبدى على ركام القطبية الأحادية .. تصوروا لو أن روسيا ليست موجودة في سورية اليوم وقد تم إغلاق مضائق البوسفور والدردنيل أمام حركة السفن الحربية الروسية؟ كيف كانت ستتصرف وكيف لها أن تحرك مئات القطع البحرية في المتوسط بهذه الحرية التي تتحرك بها اليوم؟ طبعاً إلى جانب طائراتها الحديثة ومنظومة رادارات وصواريخ إس 500 الموجودة في قواعدها بسورية؟

عسكرياً تشكل القاعدة الجوية الروسية في حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس مركز قيادة وسيطرة متقدماً في المتوسط، وهي مع القواعد العسكرية في البحر الأسود والبلطيق تشكل مظلة حماية متكاملة عبر الدرع الصاروخية من منظومة الصواريخ الاستراتيجية إس 400 و إس 500 التي تشكل كل منها شبكة حماية في دائرة نصف قطرها 600 كم وحتى ارتفاع 200 كم في الفضاء، الأمر الذي يمكّن موسكو من إغلاق الأجواء فوق تركيا ونصف أوروبا الشرقية وحتى العراق ومصر واليونان.

ما يؤكد ارتباط العمليات العسكرية في أوكرانيا وسورية، زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى سورية قبل بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وتزامنها مع المناورات البحرية في البلطيق والمتوسط، وكذلك تصريح مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرينتيف على هامش انعقاد الجولة 18 من أستانا في نور سلطان، الذي قال: “كثيرون الآن، ربما سمعتم، يقولون إنه فيما يتعلق بالعملية العسكرية الخاصة، ضعف اهتمام روسيا بسورية… لا يوجد أي صفقة بين روسيا وتركيا حول أوكرانيا وسورية، نحن لا نتخلى عن حلفائنا في المنطقة.”

تشكل العلاقة الاستراتيجية بين دمشق وموسكو منصة الصعود الروسية إلى عالم متعدد الأقطاب، ففي سورية استطاعت موسكو أن تضع حداً لتمادي الهيمنة الأمريكية بعد أن تفردت واشنطن في العراق وفي ليبيا وحركّت الفوضى والإرهاب بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، ولم تتعرض السياسة الأمريكية للصد كما تعرضت له في سورية عبر التحالف العسكري السوري الروسي الإيراني.

صحيح أن أوكرانيا تشكل بوابة الدفاع عن موسكو وهي من الناحية الاستراتيجية مهمة جداً لموسكو، لكن بدون القوة الروسية في المتوسط أي عبر سورية، ستكون موسكو أقل قدرة على الدفاع الاستراتيجي من جهة، وأقل قدرة على التأثير والهجوم خصوصاً في ظل الاشتباك القائم مع “الناتو” على عدة جبهات.

لذلك، لن تحصل أي مقايضة في الساحتين السورية والأوكرانية، فكلاهما مكمل وداعم للآخر، وموسكو مع حلفائها اليوم في موقع القوي الذي يفرض أجندته السياسية بعيداً عن أي مقايضات يحلم بها المنهزمون، وما التدريبات العسكرية والدوريات الجوية المشتركة السورية الروسية سوى رسالة لمن يحلم بمثل هذه المقايضة.

آخر الأخبار
حملة تنظيف لشوارع الصنمين بعد 15 يوماً على تخصيص رقم خاص للشكاوى.. مواطنون لـ"الثورة": عزز الثقة بعمل مديريات محافظة دمشق بسبب الضياع المائي .. شح في مياه الشرب بدرعا معرض دمشق الدولي .. منصة شاملة تجمع التجارة بالصناعة والثقافة عودة بئر "دير بعلبة" للعمل شهر على اختطاف حمزة العمارين.. قلق متصاعد ومطالبات بالكشف عن مصيره الفرق تواصل السيطرة على آخر بؤر حرائق كسب بريف اللاذقية دراسة إعفاء الشاحنات ومركبات النقل من الرسوم  وتفعيل مركز انطلاق السيارات السورية مع لبنان السويداء بين شعارات "حق تقرير المصير" وخطر الارتماء في الحضن الإسرائيلي "معاً نبني سوريتنا" .. لقاء حواري يعيد رسم ملامح التكاتف المجتمعي في سوريا إحياء خط كركوك–بانياس.. خطوة استراتيجية نحو تكامل طاقي إقليمي  موجة حرائق جديدة تجتاح الغاب في عين الحمام جورين ناعور جورين  كنيسة "السيسنية" في ريف صافيتا.. أقدم الكنائس السورية على نهر الأبرش  مساهمات المجتمع المحلي.. دور مساند  في إطفاء لهيب الحرائق    معمل "الفيجة" أمام تحول جذري..  محمد الليكو لـ"الثورة": إنتاج 13 ألف عبوة في الساعة.. وحسومات تنافس... وسط تحديات كبيرة.. فرق الإطفاء تسيطر على معظم الحرائق في ريفي اللاذقية وحماة   إجماع عربي وإسلامي على إدانة تصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"  الصناعات السورية بوضع لا تحسد عليه ..   محمد الصيرفي لـ"الثورة": أمام انفتاح الاستيراد على مصراعيه.... " قمة ألاسكا" .. صخب وأضواء  بلا أي اتفاقات !   رصين عصمت لـ"الثورة": الدراسات الهندسية لضمان تنفيذ المشاريع بأفضل المواصفات