هي حرب مفتوحة لم تنته فصولها على الرغم من عملياتها المستمرة تنفيذاً تخريبياً وإرهابياً على مدى أكثر من إحدى عشرة سنة لم يترك خلالها المتآمرون أسلوباً دنيئاً إلا واتبعوه، فالهدف البعيد إضعاف المجتمع العربي الكبير لكن المهمة تصعب وتتعقد حين يرتبط الأمر بسورية ، سورية لما لها من مكانة تاريخية ودور متأصل في أن تكون قلب هذه الأمة وجوهر معتقدها وملتقى ما تباعد من أبنائها ومجمع المختلفين والضالين وملجأ الضائعين والمستضعفين ، ليس من أبناء الأمة وحدها ، بل ملجأ الضعفاء واللاجئين من أصقاع الأرض كلّها ، فهل يمكن لنا أمام هذا التوصيف أن نختلف على أسباب العدوان المستمرة والمركزة على سورية؟
هو ليس سؤالاً ولا تساؤلاً بالقدر الذي يعطي إجابة شافية وكاملة للوقوف على أسباب العدوان الاستعماري الغربي المستمر على الأمة العربية، والتركيز على استهداف سورية بعينها .
هذه المكانة والدور والسلوك لم يغب لحظة عن دائرة الاستهداف الغربي الاستعماري ، فكانت الخطة الإرهابية الأسلوب الأكثر توحشاً في استهداف عمق الحضارة الإنسانية ومنبعها ومنطلقها إلى أصقاع الأرض كافة، وكانت المشاركة الاستعمارية في أعلى درجات التنسيق العدواني لضرب أسس الحضارة والترويج لقيم الفساد الغربي الاستعماري وربط المنطقة بعوامل ومعايير التبعية والخنوع والرضا بالواقع المفروض ، ذلك الواقع الذي يفرض الحضور الصهيوني قائداً ومحركاً وموجهاً لجميع النشاطات في المنطقة العربية ، إضافة إلى التحكم بالمقدرات والثروات والطاقة ومصادر المياة وصولاً إلى تحديد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى البيئية وغيرها.
أمام هذه الرؤية ما لنا أن نتصور أن مجرد الانتصار العسكري في الميدان سوف ينهي المشروع التآمري الاستعماري ، بل سنكون على ثقة تامة بأن محاولات الاستهداف ستأخذ أشكالاً أخرى ، مثل حالات الاختراق وشراء الذمم وتوظيف العملاء وإشاعة الأكاذيب واستخدام كلّ أساليب الحرب النفسية والشروع في محاولات تشويه صورة النماذج الوطنية، كلّ ذلك في ظلّ الحصار والحرب الاقتصادية التي تدفع الناس لاتخاذ مواقف رافضة للحال الذي يعيشون ، فيستعيدون حالة الفوضى من جديد.
الواقع أننا حققنا ونحقق انتصارات ميدانية محمولة على تضحيات وبطولات جيشنا العربي السوري الباسل ، وصحيح أننا نمتلك بنية مجتمعية لم تستطع كلّ محاولات الإرهاب اختراقها أو التأثير الحقيقي فيها، لكن وعينا لما هو قادم يجب أن يبقى بأعلى درجات اليقظة والحذر للرد على الجولات القادمة من العدوان ، والتي تتجاوز كلّ الضغوط والحصار والعقوبات وغيرها ،وإننا لقادرون.