الثورة..
في زحمة الإصدارات الروائية إن صحت تسمية الكثير منها روايات لابد أن تشعر بالغبطة حين تقع على رواية تأخذك إلى عوالم الإبداع، تجعلك تعيش الحياة فعلا لأنها من نبض الحياة ومكتوبة بحبرها ..فكيف إذا كانت تحملك على أجنحة من واقع حقيقي تحلق بك ماضيا حاضرا ومستقبلا ..
رواية زهرة الصبار للدكتور هزوان الوز تستكمل محطات في مشروعه الإبداعي الذي قدم من خلاله أكثر من رواية مهمة عن دمشق.
زهر الصبار بحبرها بنبضها وبشغف المبدع تتناول صفحات من تاريخ قرية سورية غارقة في العطر والأصالة والعطاء وهي اليوم مدينة.
بالأمس كانت خارج سور دمشق وتسمى قرية من قرى الشام وهي الآن بقلب الشام .
المزة ملعب الرواية عبر خيوط متقنة كما عادة الوز وقدرته على ابتكار أفانين السرد.
نحن أمام قراءات وحفر في التاريخ لكنه الأخضر اليانع لا اليابس، وتحولات تمر بها القرية التي تعد واحدة من أجمل بساتين الشام.
تبدأ الرواية عندما تفتح فريدة حقيبتها بعد وصولها إلى الفندق حيث تنزل للمشاركة في مؤتمر طبي..
تفاجأ بمغلف في حقيبتها يحمل عنوان أوراق الصبار..
لا تعرف من وضعه في الحقيبة وكيف جاء..
وبعد الاطلاع على بضع أوراق منه يأسرها المغلف لتبدأ القراءة وتبدأ بسرد الرواية..
أبطال الرواية تاريخ وزمان ومكان وبشر تبدا الأحداث مع أسرة أبي مروان لتتفرع بحثا وتنقيبا في بطون الكتب عما جرى في هذا ..
كتب السيرة والتاريخ حاضرة لكن لتقدم معلومة تأتي بمكانها توثق تحلل وفق مسار ممسوك بعناية الروائي ودقة الرقم وحرفية المهندس.
شخصية أبي مروان النامية مهمة جدا وهي محور للأحداث من خلال دكانه وأولاده وعلاقاته..
والمختار حاضر ايضا …واذا كانت المزة خارج سور دمشق لكنها حاضرة نقاشا وتفاعلا …
تحولات القرية مع دخول المنجزات التقنية الهاتف والسيارة وغيرهما يرسم مسارا يمكن من خلاله قراءة التاريخ الاجتماعي لهذه الوسائط وما أحدثته من متغيرات في الحياة.
في القرية نشاط زراعي وتجاري وعلاقات اجتماعية كثيرة مصاهرة ومتاجرة وعمل ..
تقدم الرواية بأسلوب ذكي مقارنات مهمة بين عدة أجيال..رجال ونساء..بين عدة مسارات وعلاقات.
وهي فوق هذا مشغولة بالهم الاجتماعي وتحولات القرية إلى مدينة مع ظاهرة الاستملاك ومن ثم الحديث عن مطار المزة وكيوان وكذلك سجنها الذي كان قلعة قديمة حوله الفرنسيون إلى سجن.
المكان بطل في الرواية كما هي التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية …زهرة الصبار حكاية القرية التي نعرفها اليوم ولم نكن نعرف أنها تزخر لهذه الكنوز الجمالية والمعرفية . لقد استطاع الكاتب أن يقدمها بشكل مختلف ..
ليست رواية وكفى هي سجل وطن سجل كل مكان له حكاياته، ولكن كما قال الكاتب نحن لا نجهد أنفسنا بالبحث عما كان ربما حولنا كنوز تاريخية هائلة لكننا لا نسعى إلى نفض غبار الإهمال عنها .
زهر ة الصبار بستان الحكاية وحكاية البستان شبكت الوطن من مائه إلى كل ذرة تراب فيه.
بقي أن نشير إلى أن الرواية صدرت عن دار الشعب في دمشق وتقع في ٣٩٠ صفحة من القطع المتوسط ..
ومن روايات المؤلف نذكر… معرض مؤجل ..ثلاثة أجزاء.
سنوات الدفلى..ايام الفراشة قصص .
وله مجموعة من كتب الدراسات وعدة أعمال مترجمة.