الثورة-أديب مخزوم:
“وجه آخر” هو عنوان المعرض، الذي افتتح في صالة المركز الثقافي العربي بأبي رمانة ، بمشاركة (هديل اللبابيدي ، نور عرعار، رنا ريحان، راما ريحان، علا الشعار، ريم دلباني، زينة هاشم، هبة امرير، راما حموي، ياسمين حمود، فادي جبران، مروان العجان، ليلى يوسف، سدره الأزهر، لوليا شغالة) ، وهو من تنظيم التشكيلية ومهندسة الديكور هديل اللبابيدي.
تنوعت التقنيات والمواضيع والأساليب وبدت اللوحات والصور الضوئية ( بقياسات مختلفة ) مشرعة على احتمالات التدرج من حالات الدقة الواقعية، إلى حدود الغياب الكلي او الجزئي، المقروء في اللوحة التجريدية .
ومن هذا المنطلق يكشف المعرض عن تموجات المشاعر الفنية والأحاسيس الداخلية، المثبتة في لوحات بعض الأسماء الشابة ، في خطوات بحثهم عن إيقاعات تشكيلية جديدة وخاصة.
فالمشاركون يقدمون أجواء بصرية، تتدرج بين التصريح والتلميح، وبين الوضوح والغياب، وتبرز القدرة على التعبير عن العناصر وخاصة الإنسانية وعناصر الطبيعة والزهور والمواضيع الشاعرية ، مع المحافظة على التقنية التي تميز كل تجربة على حدة ( الزيتي والرصاص والفحم وغيرها ) .
موضوعات عابقة بالمحبة والألفة والشاعرية، حيث تعيد بعض الأعمال المعروضة الجلسات الحميمية، وصولاً إلى اللوحات التي تعيد صياغة العناصر بصورة غرائبية مشحونة بالخيال والموسيقى والشعر. وتبدو بعض التجارب في مغامرة مستمرة ، في خطوات البحث عن إيقاعات فنية تستفيد من بعض المعطيات والجماليات والإشارات، وتضفي على اللوحة عفوية مباشرة ، من خلال الخطوط والألوان ، بل من خلال الانتقال من المعالجة اللونية الشاعرية، إلى المعالجة الغنائية، التي تعتمد على تكثيف طبقات اللون داخل المدى الذي تراه العين في إطار اللوحة.
ونشاهد العناصر الإنسانية والأشكال الصامتة والطبيعية والعمارة والجلسات الشاعرية، والإشارات المختلفة، قائمة على ألوان هادئة ومتقاربة وغير صاخبة، حتى في حالات تنقلنا بين الواقعية والتجريد .
وبعض اللوحات تجسد بتدرجات اللون الواحد ، الشكل الإيضاحي المفهوم في مدلولاته البصرية المباشرة، والنابضة في أحيان كثيرة بحركة الأشخاص بجلساتهم الشاعرية أو مع الموسيقا ، وهذا يشكل في المرحلة الراهنة بالذات، فسحة طمأنينة وتفاؤل، وتبدو بمثابة رمز لذكريات من الزمن الجميل . وتعمل بعض التشكيليات على إظهار التوازن والتوافق بين البناء العقلاني والتكوين العاطفي المتبدل والمقروء، في لمسات وضربات اللون العفوي ، وهذا يخرج الأشكال من برودتها وقساوتها وينقلها إلى التجريدية التعبيرية المختزلة لقول الانفعالات والأحاسيس والمشاعرالداخلية العميقة . ويذكر أن لغة الرسم قد دخلت في نسيج وحياة معظم المشاركين منذ أيام الطفولة الأولى، وتحمل هذه المجموعة، نغم الشرق وإيقاع البيئة وزهوة اللون والنور . تلك كانت المحرضات الأولى التي دفعتهم باتجاه مزاولة الرسم والتلوين، والاتجاه نحو تجسيد الوهج وتحولات اللون والضوء .
وتتجه معظم التجارب هنا الى معالجة عناصر المرأة الرمز، وإلى جعل المساحات اللونية المعتمة تتداخل مع مساحات لونية مضاءة، تصل الى حدود البياض اللوني، وبذلك تتدرج الحالة اللونية ، من تلك الباهتة أو القاتمة، إلى أخرى تغلب عليها الألوان المشرقة، بحيث يبدو البياض ستاراً شفافاً لألوان أخرى مغطاة ومطلية به، أو يبدو وسيلة لإخراج الشكل من النمطية التسجيلية ، لاسيما المرأة التي تتخذ كرمز للأرض والتاريخ والحضارة.
ونجد تشكيلات خيالية حديثة بصياغة فنية رزينة، تهتم بإبراز تدرجات اللون والظل، وتصل حدود التتابع الرمزي الخيالي ، واللوحة بالنسبة للبعض تبدو بمثابة محطة حوارية بين الماضي والحاضر، وثنائية التراث والمعاصرة ( ونجد ذلك في لباس المرأة ) حيث تستعيد هذه المحموعة الكثير من الرموز التاريخية والشعبية، المقروءة في الأشكال الإنسانية والحيوانية والتراثية والأثرية، والتي تضفي مناخية لونية محددة في اللوحة الواحدة. وتبرز قيمة التشكيلات هنا في الحساسية الخطية واللونية ( حساسية خطوط قلم الرصاص والفحم ) أو من خلال التعبير باللون التجريدي عن الرموز، وكل ما يقترب من المشاعر والأحاسيس الداخلية . والإيقاعات العفوية والسطوح المتنوعة التأثيرات والحساسيات ، التي هي أقرب إلى الحركة العاطفية من التموجات البطيئة والسطوح الناعمة والمنتظمة.
التالي