يبدو أن القلق الأميركي على مصير الكيان الصهيوني الغاصب مستمر ولن يتوقف في المدى المنظور، حيث لم تفلح كلّ التدخلات والحروب والضغوط الأميركية على دول المنطقة بتبديد هذا القلق لا من نفوس حكام الكيان ولا من نفوس الداعمين له في أميركا والغرب، ولذلك تسعى واشنطن جاهدة لإقامة تحالف عسكري في المنطقة يضم “إسرائيل” من أجل توفير الأمن لها ولاحتلالها على حساب الأمن العربي والإقليمي، وتسريع خطوات تصفية القضية الفلسطينية، واستكمال مخطط التطبيع الذي لم يستطع حتى الآن أن يحقق لإسرائيل ما تطمح له من “زعامة” واندماج الكامل في المنطقة.
قد ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن رغم ما يعانيه من أعراض الزهايمر وقصر النظر السياسي بالإعلان عن التحالف المذكور في زيارته المرتقبة، ولكن التحالف بالأساس محكوم بالفشل للعديد من التحديات منها عدم الثقة بين أعضائه، واختلاف التحديات بين مكوناته، واحتمال أن يؤدي إنشاؤه إلى مزيد من الفوضى في المنطقة تدفع ثمنها الدول العربية بالدرجة الأولى.
غير أن كلّ هذه التحديات ليست واردة في حسابات بايدن وإدارته، فما يعنيهم فقط هو رفع مبيعاتهم من السلاح خدمة لمصالح المجمع الصناعي العسكري الأميركي، ولو أدى ذلك إلى إرهاق ميزانيات الدول العربية المرشحة للتحالف بصفقات أسلحة جديدة، وخلق أزمات داخلية في كلّ دولة تؤدي إلى تحديات جديدة لم تكن بالحسبان.
وبطبيعة الحال يمكن اعتبار المشروع الأميركي في هذا الإطار خطوة استباقية لنتائج الحرب الروسية -الأوكرانية التي تقترب من رسم ملامح عالم جديد متعدد الأقطاب، للشرق الأوسط فيه موقع مهم، فإقامة مثل هذا التحالف “الهش” بنظر واشنطن يمكن أن يضعف الحضور الروسي والصيني لفترة قادمة، والجميع يدرك – بطبيعة الحال – الأهمية الاستراتيجية للمنطقة العربية في التوازنات الدولية، الأمر الذي يستدعي تحركات موازية لقوى فاعلة في المنطقة لتحجيم الآثار المحتملة لنشوء تحالف عسكري غير منسجم وغير واضح النوايا والأهداف.