من البدهي، بل من الطبيعي جداً أن تبحث وتخطط الدول لمصالحها وتعمل على حمايتها، هذا واجب أساسي ووظيفة الدول والحكومات، ولكن هل يعني هذا أن تتحول المصالح إلى عدوان وطغيان واستبداد، يجعل الآخرين عبيداً وتبعاً لايملكون من قرارهم شيئاً؟
وفق القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة وحق تقرير المصير، وما في هذه القائمة من مصطلحات – تبقى حبراً على ورق – ليس من حق أي امبرطورية مهما كانت أن تفعل ذلك، بل لابد من البحث والتعاون معاً من أجل درء مخاطر الانزلاق إلى الحروب والمواجهات التي تدمر البشرية، وقد دفعت الشعوب غالياً ثمن الحروب.
ولكن ما الذي تفعله واشنطن، وكيف تخطط، وكيف تنفذ، بايدن في المنطقة، صرح ووعد وقال، والتقى رؤساء وملوكاً، وعقد قمماً، ولكن هل كانت هذه اللقاءات تحمل في طياتها نقاشاً بين الجامع والمجموع ..؟
يصرح زعيم البيت الابيض بحقيقة يجب الانتباه إليها وهي جذر السياسة الخارجية الأميركية: يجب أن نملأ الفراغ في الشرق الأوسط لئلا تملأه بكين وموسكو، هل انتبه أو قرأ المجموعون قسراً مع بايدن إلى دلالات التصريح ؟
ببساطة: واشنطن لا ترى شعوباً في المنطقة، لا ترى دولاً وإمارات وممالك، فقط ثروات وبقعة جغرافية يجب أن تملأ حتى يتم استثمار كل ما فيها من نفط، وليس من حق أي دولة في العالم أن تقيم علاقات مع هذه المنطقة إلا وفق ما تراه وتخطط له واشنطن..
لم يتأخر الرد الصيني على هذه التصريحات التي تمثل الصلف السياسي والفكري، وتدل على خواء البيت الأبيض من تجارب تاريخية وإنسانية وحضارية يستفيد منها – شعوب المنطقة كما قالت بكين ليست قاصرة أبداً، وليست موضع رعاية أحد ما.
أليست تصريحات بايدن هي ذاتها فكرة الانتداب الذي شرعنته عصبة الأمم المتحدة ؟
خواء سياسي، نعم، لكنه الحقيقة التي تكشف كيف ينظر البيت الأبيض حتى إلى تبعه