الإرادة أو العزيمة أو الهمة أو الاستقلالية كلمات مترادفة نستخدمها جميعاً في حياتنا اليومية، قولاً وسلوكاً، والإرادة تنبع من العقل، والعقل الغربي الاستعماري هو المسيطر ومن يتحكم في معظم القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن الدولي، الذي غدا مسلوب العقل والإرادة.
والطامة الكبرى أن معظم هذه القرارات مسيسة وغرائزية وغير محدودة التأثير في الزمان والمكان، ولها مفاعيل كارثية طويلة الأمد، يتم تأطريها أحياناً ضمن قوانين تستهدف بعض الدول التي تقاوم رياح الغرب المسمومة.
ونرى مجلس الأمن مسلوب الإرادة على الرغم من أنه هو الذي يقرر في ظاهر الأمر، أو ينفذ ما قرره، وفي الحقيقة يكون الغرب هو من يقوم بالفعل ويسلب جزء هام وكبير من إمكانيات المجلس في اتخاذ القرار.
مجلس الأمن الدولي عندما يتعلق الأمر بدول تقاوم غطرسة الغرب، وسورية مثال كبير على المقاومة والثبات في وجه رياح الغرب، نجده وبأمثلة واضحة كل الوضوح يجيد لغة الدول الغربية التي تشن حرباً سياسية واقتصادية وعسكرية ظالمة ضد سورية وغيرها من دول، ويتكلم بلكنتهم الغربية الحاقدة دون أي إرادة منه، بل برضوخ تام ومباشر لعقلهم المنغلق.
الدول الغربية تواصل توظيف مجلس الأمن لخدمة أجنداتها السياسية وتصفية حساباتها الجيوسياسية مع خصومها، من خلال العيوب والخلل في النسج والممارسة والتطبيق في القرارات التي تصدر عن المجلس الدولي بتوجيه منها وحسب الطلب الغربي.
وخير مثال على ذلك ما أعلنته سورية خلال كل المناقشات التي أجراها المجلس حول تطبيق القرار 2585 وجود عيوب جسيمة شابت تطبيقه وخاصة لجهة التمسك بآلية وحيدة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود والتي لا تحترم سيادة سورية.
جميع مجريات الأحداث في العالم والمنطقة تؤكد أن الغرب لا يهمه أي بعد إنساني، بل على النقيض من ذلك نراه يستثمر في هذا الموضوع ويزايد على حساب آلام البشر، والدول الغربية الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن تعبث به وبقراراته حسب أهوائها فتوجه انتقاداتها لمعارضيها وتحاول أن تفرمل أي قرار يصب في مصلحتهم، وتقاتل بكل قوة وشراسة لتمرير قرارات تخدم من ينسجمون معها في المصلحة والرؤية، وتخدم من خلالها أحلامها التوسعية.
لا يمكن لمجلس دولي يفترض أن يعتبر قائداً للشرعية الدولية أن يكون له شخصية مصادرة، أو أن يستمر في تطبيق وخدمة إرادة القطيع الغربي المدمرة والمسيسة، وهنا يكمن الخطر الكبير، الذي يؤسس لنهاية الشرعية الدولية، ما لم يتغلب هذا المجلس المرتهن على ضعفه ويسترجع إرادته المسلوبه حينما يقرر بنفسه لنفسه أن يتعلم لغة أخرى غير لغة الغرب المتحيز والانتهازي.