عندما يحل وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة ضيفاً على دمشق في هذه الأيام، فهذا يدل على أن توءما النضال والكفاح التحرري ضد الاحتلال الفرنسي، لم يضلا طريق المقاومة ومواجهة المحتل والإرهاب يوماً من الأيام، وان تتزامن هذه الزيارة مع الذكرى الثانية بعد المئة لمعركة ميسلون الخالدة، والذكرى الستون لعيد استقلال الجزائر فهذا دليل آخر على وحدة الهدف والمصير.
ولأن الشعبين العربيين في سورية والجزائر قد أدركا مبكراً أن الاحتلال بكل أشكاله والإرهاب بكل أنواعه هو عدو مشترك لهما ولكل الشعوب المؤمنة بالحرية والسلام، فعندها وجدنا الشقيقتين سورية والجزائر تعاضدان بعضهما بعضاً في كل مراحل الثورة والكفاح ضد المستعمر الفرنسي رغم المسافات الجغرافية البعيدة التي تفصل بينهما، ورأينا النشيدين الوطنيين للبلدين “حماة الديار عليكم سلام…” مع “قسماً بالنازلات الماحقات…” يمتزجان بكل فخر وعنفوان بحناجر الطلاب السوريين في صباحات مدارس سورية، إبان حرب التحرير الجزائرية، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على وحدة مصير العرب في مشرقهم ومغربهم.
ولأن الجزائر كما سورية اكتوت بنيران الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، فهي تحس بمواجع سورية وآلامها، وتدرك في الوقت نفسه ضرورة توحيد الجهود من أجل القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، وتسليط الضوء في الوقت نفسه على الدول التي تستخدم هذه التنظيمات كأدوات لتنفيذ سياساتها الخارجية المدمرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا اللتين انغمستا في المشروع الإرهابي الداعشي إلى شحمتي أذنيهما.
وكما أنتج التعاون السوري الجزائري منذ أيام المقاوم البطل الأمير عبد القادر الجزائري الأفعال الوطنية والتحررية، فهو قادر اليوم أن ينجز أفعالاً عربية أخرى موحدة للجهود، تحفظ وحدة العرب وتصون أمنهم القومي واستقلالهم وسيادتهم، وهذا ما نأمل أن تحققه مساعي وزير الخارجية الجزائري الذي تستضيف بلاده القمة العربية القادمة في تشرين الثاني المقبل.