الثورة – فاتن أحمد دعبول:
تستمر فعاليات اجتماع مجلس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في سورية، ومن ندوة “دور الأدب المقاوم في الحفاظ على الهوية العربية” كانت هذه الآراء لمجموعة من الأدباء والباحثين السوريين والعرب، في قاعة محاضرات اتحاد الكتاب العرب.
الأدب المقاوم وبمختلف أشكاله الروائية والقصصية والشعرية، من واجبه أن يكون مجالاً رحباً، من خلاله يعمل المبدع على بيان مختلف الوظائف التي يمكن أن ينهض بها، من أجل المحافظة على الهوية، والمساهمة في حفظ مقومات الأمة العربية وإرساء دعائمها.
د. ناصر الحسني :مسؤولية..
يبين الدكتور ناصر بن حمود الحسني، سلطنة عمان أن التجربة السردية العمانية حفلت بالعديد من الأشكال الكتابية للأدب المقاوم، ومنها على سبيل المثال رواية” رحلة أبو زيد العماني، لمحمد بن سيف الرحبي، وحوض الشهوات لمحمد اليحياني وغيرها من الروايات.
ويستند الأديب الحسني في دراسته على أنموذجين شعريين اثنين، يستخلص منهما دوراً فاعلاً للاهتمام بقضايا الأمة وطموحاتها، فالخطاب الأدبي المقاوم داخل نصوصهما الأدبية كفيل ببيان اهتمامهما بهذه الأبعاد، أولهما تجربة الشاعر سعيد الصقلاوي في دواوينه الشعرية” أجنحة النهار، ونشيد الماء، وما تبقى من صحف الوجد” وتتميز برموز شديدة الصلة بقضايا الأمة، والتجربة الثانية، تجربة نزار قباني من خلال قصيدته النموذجية” دمشق يا بوح أحلامي ومروحتي”
وتعد تجربة هذين الشاعرين من التجارب الشعرية الرائدة في أدب المقاومة وإعادة الاعتبار للهوية العربية والقومية، يجمع بينهما ويوحد أهدافهما رؤيتهم لطبيعة الصراع العربي الصهيوني، لذلك فإن قصائدهم تأتي محملة بشحنة عاطفية واجتماعية وسياسية تدعو المتلقي العربي إلى مزيد من النظر في هويته القومية وضرورة الوقوف في وجه العدو واسترداد الأرض المسلوبة.
فالأدب المقاوم مسؤولية يجب أن يضطلع بها المثقف العربي، ويجب أن تنتهج النتاجات الأدبية طريق استنهاض الشباب والمثقفين والسياسيين وتدعوهم إلى أن تكون المقاومة والمحافظة على الهوية الوطنية هي أساس عملية الكتابة وعمودها الفقري.
عبد الغني سلامة: صوته الحي..
ويبين عبد الغني سلامة، فلسطين، أنه قبل انهيار الدولة العثمانية لم يكن للفلسطينيين كيان سياسي، ولا علم وطني، ولم تكن هويتهم الوطنية قد تبلورت بعد، لأن فلسطين كانت جزءاً من بلاد الشام، ولكن بعد الهجمات الاستعمارية على الوطن العربي، ونضال الشعوب العربية لنيل حريتها واستقلالها، بلوروا هوياتهم الوطنية وبنوا كياناتهم السياسية وحملوا راياتهم الوطنية.
وكانت الساحة الأدبية الفلسطينية قبل النكبة قد شهدت ميلاد العديد من الشعراء والكتاب والمفكرين والمؤرخين أمثال إبراهيم طوقان، أبو سلمى.. وكان لهؤلاء الدور المهم في تعزيز ثقافة وطنية جامعة، لتكون محوراً ورافعة للهوية الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني، لكن توقف الإنتاج بعد النكبة.
وعندما بدأ الصراع على أرض فلسطين، عاد الأدب في حضور قوي وارتبط بالمقاومة على نحو لا يقبل الانفصام، فإلى جانب البندقية كانت القصيدة، وإلى جانب الحجر كانت القصة والأغنية، وكان في عمق وعيهم أن المقاومة دون أدب تصبح مجرد أعمال قتالية، وأن الأدب ضروري لأنسنة المقاتل، فقد كان الأدب فعلاً إنسانياً راقياً.
فقد كان أدب المقاومة نتاج اختلاط المعاناة بمشاعر التمرد التي تموج في نفس الأديب في مواجهة الاحتلال والظلم والاستبداد، وهو ليس اختراعاً فلسطينياً، فقد عرفته كل الشعوب الحية، لكن لأدب المقاومة الفلسطيني تاريخ ممتد، عمره من عمر الكفاح الوطني، تطور وأصبح قادراً على التعبير عن الإنسان بكل ما يختلجه من مشاعر وعواطف، وبكل ما يتصل بحياته اليومية.
د. محمد ياسر شرف: دعم البنى المجتمعية
ويميز د. محمد ياسر شرف، سورية، بين أنواع من الوعي الجمعي، فهناك الوعي الاجتماعي، الوعي السياسي، ، القانوني والفلسفي والأخلاقي وغير ذلك من أنواع الوعي التي تعزز جميعها دور المقاومة التي تقف في صف المحافظة على الهوية الوطنية، وهي الوقت نفسه هي تعضد الهوية الفردية وترسخ ملامح الشخصية وتدعم هذه الأنواع من الوعي جميعها بما تحويه من فاعليات دفاعية أصيلة، وما تتضمنه اللغة المجتمعية من حوافز تشكل جسور الاتصال بين الأفراد والفئات للقيام بما تتطلبه كل مرحلة من مراحل بناء المجتمع في محيطه الخاص، ومد الوشائج الواصلة بين كياناته المتنوعة لبناء صرح حضارته المرحلية وترسيخ مؤسساته المتعددة.
ويخلص الكاتب إلى ضرورة وضع خطط للمحافظة على دعائم الهوية الوطنية وما تحمله من أنواع الوعي من فاعليات سلوكية تختلف من حالة إلى حالة أخرى.
ويبين بدوره أنه تقع على كاهل الأدباء عمليات الاستفادة من محتوى لغات الوعي الاجتماعي المختلفة، والابتعاد عن التزيينات الشكلية في لغة الأدب، لدعم ما في البنى المجتمعية من اتجاهات المحافظة على الهوية الوطنية التي تشكل واحداً من ركائز استمرار الدولة القوية، وتفضي إلى تعميق الشعور بالوحدة إزاء التهديدات الخارجية التي لم تعد ذات أغراض اقتصادية وسياسية وعسكرية، فقط، بل أصبحت تستهدف الوجود الوطني ذاته.