بين الفينة والأخرى تضع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والجهات الأخرى المعنية نشرة أسعار لبعض المواد والسلع المختلفة الضرورية والأساسية التي تدخل في الاستهلاك اليومي للمواطن، وهذه التسعيرة في الواقع والتطبيق الفعلي لا تقدّم ولا تؤخر، وهي استعراض درجت عليه هذه الجهات وتعلم بأن هذه النشرة لا تطبق في الأصل وينظر إليها المستهلك على أنها مجرد «رفع عتب»لا أكثر، مع التأكيد على أن الجهات التي تصدرها تدرك تماماً بأنها لا تنفذ، وأصبحت مثار جدل ونقاش عقيم تؤدي في النهاية إلى التصادم بين البائع والمشتري والدخول في متاهات الشكوى وتداعياتها.
المواطن الذي يعاني ما يعانيه من وضع اقتصادي ضاغط جداً ،ليس لديه الحد الأدنى من القوة الشرائية التي وصلت إلى الحضيض، بل لم يعد بمقدوره تأمين أبسط أنواع الحاجيات الأساسية ولقمة عيشه وعيش أسرته حتى على مستوى المأكولات الشعبية التي كانت تؤمن جزءاً مهماً من قوت يومه ،وتقليداً اجتماعياً معروفاً أضحت بعيدة المنال بل مستحيلة، حيث إن أسعارها تفوق كثيراً أسعار النشرات الرسمية المعلنة تحت ذريعة ارتفاع التكاليف وجنون أسعار حوامل الطاقة وعدم توافر مواد المشتقات النفطية خاصة الغاز والمازوت بالسعر المحدد الذي يرتفع إلى درجة كبيرة جداً في السوق السوداء ،وهنا تتداخل الأمور بعضها ببعض ويظهر واضحاً جداً تفاوت الأسعار المرتفعة بالأصل بين محل وآخر.
وعلى سبيل المثال سندويشة الفلافل المسعرة بـ1700 -2000 ليرة تباع بـ 2800- 3500 ليرة ومثلها البطاطا وأنواع السندويش الأخرى هذا عدا عن التلاعب بمكوناتها ومحتواها….!!
أمام هذا الواقع بين التسعير الرسمي والسعر الفعلي في الأسواق والمحال التجارية وتضاربها فإن طرفي المعادلة فيها يشكوان، فالمواطن يتحدث عن عدم تطبيق التسعيرة الرسمية والبائع يقول :إنها لا تراعي واقع الحال والتكاليف التي تحتاجها في ظلّ الظروف التي نمرّ بها جميعاً، وبالتالي فإن المخالفة التي تتعرض لها المحلات لعدم التقيد بالتسعيرة كبيرة والعقوبات شديدة ومزدوجة بين غرامات مادية وإغلاق.
فإذا كان من الواجب والفرض وجود شكوى على أي محل يتقاضى أسعاراً زائدة حسب رأي وتأكيد مديريات التجارة الداخلية خاصة أن المحلات تضع نشرة الأسعار الجديدة وهذا صحيح، فإنه من اللازم والمنطق وتلافياً لأي مشاحنة أو جدال وفعل ورد فعل ولو بالكلام إيجاد حلول ومعالجات أخرى تحول دون ذلك وهذا يقع على عاتق الجهات الرسمية.
إن التسعيرة التي تضعها الجهات الرسمية لاتستحوذ على رضا المواطن والبائع ،ولا حتى قبولها ،كما أنها بريستيج اداري يختلف عليه الطرفان المعنيان بها مباشرة، وأثبتت التجارب والواقع العملي وآلية التعامل بموجبها فشلها فشلاً ذريعاً ،بل تحوّلت إلى مثال للتندر والاستهجان يعتبرها المستهلك ذراً للرماد في العيون تحتاج إلى علاج مباشر وإجراءات قابلة للتنفيذ وإلا تكون نقطة خلاف واختلاف وضرر.