شعور دافق بسعادة الرضا، أحسّته فجأة حين أدركت أخيراً حال التوازن مع كل ما يخيفها ويوجعها.
الحالة تتشابه مع ما حاول بطل فيلم (السير، the walk) فعله حين نجح بتحديه نفسه في اجتياز اختبار المشي على “الكبل” الممدد بين برجي مركز التجارة العالمي.
ضبط النفْس.. وحتى النَفَس.. أولى مراحل الوصول للتوازن المطلوب.
المشكلة لديها ليست تماماً في الوصول إلى مطلب التوازن في الابتعاد أو البعد..
بل في رغبتها المتواصلة بتجريب حالة السقوط من على (حبل) التوازن.
يبدو أن تجربة “السقوط” هي ما يغويها ويخدّر مداركها ووعيها بطريقة أكثر من جذابة..
إغواءٌ ماكر.. يقود رغبتها تلك.
تريد أن تسقط في اللاتوازن.. أن تختبر إحساس البقاء في الهواء ما بين أرض وسماء..
وكأنها تحلّق في سماوات سعادة غير مدركة..
لا تعلم من أين امتلكت شجاعة التجريب.. أن تهم بالتحليق ولا يهم بعدها السقوط.
مرّات.. ومرّات..
تخترع بدايات تخلقها من جديد.. تبعث فيها روحاً من لا شيء.
لا تعلم في كل ما تحيا، إن كانت تكتشف الآخر أم نفسها..؟
على التوازي تماماً..
يجري سيرها نحو نفسها ونحو هذا الآخر..
المميز في الأمر أنها تعادل ما بين حالة الهذيان والتوازن..
وكأن هذيانها هو بوابة توازنها..!..
وبدوره شوقها هو مفتاح هذيانها.. مع أنه أكثر اختبارات مشاعرنا التي تفقدنا صبرنا وتوازننا..
الشوق من أقوى المُسْكرات.. وبالتالي يضمن دخولها بهذيانات عشق لا مثيل لها.
تُعادل.. تُكافئ.. وتوازن بين كل من لديها من اختبارات لمشاعر وهذيانات، عبرها جميعها تتجاوز “المعتاد” كل يوم..
كل ما تختبره يجعلها تستذكر ما حاول تجريبه “ميشيل فوكو”، والذي رأى بأشياء كثيرة، كالعقاقير مثلاً، وسائل تجعلنا نتجاوز المعتاد.. اعتبرها واحدة من التجارب (التي من شأنها أن تخلق أحاسيس غير عادية)..
بالنسبة لها ليست بحاجة لعقاقير أو أي وصفة أخرى سوى الانصهار أكثر وأكثر بشوقها مولّد هذياناتها المحبّبة..
وبالتالي الوصول إلى خبرة أن تحيا بُعداً آخر للحياة..
هوسها.. وخمر شوقها يجعلانها أكثر من حية وأكثر من موجودة..
ما يمنحها سرّ توازنها واعتدال عيشها.