القتال بالصوت والصورة حروب أمريكا الذكية.. “الحرب الأخرى”

 

د. مازن سليم خضور:

يقول أحد المنظرين الصينيين في علم الاتصال ”الحرب الإعلامية هي فن النصر دون حرب” فالإعلام يمهد لتحقيق النصر ولكن لا يعني أن الانتصار الكامل يتحقق بالإعلام فقط فهناك عوامل أخرى؛ لكن الحرب الإعلامية تمهد لبقية العوامل التي تنتهي بالحرب العسكرية بعد أن تكون الصورة والخبر قد حققا أهدافهما وما غزو العراق إلا دليل لذلك في صورة ادعت أنها وسائل دمار شامل عراقية تبين مع الزمن زيف هذه الصور.
أسلوب اعتمد من قبل الولايات المتحدة الأميركية في أغلب حروبها وكذلك التنظيمات الإرهابية التي كانت تصور عمليات القتل لمعارضيها بأبشع الأشكال في قصف تمهيدي عند دخول أي منطقة.
الحرب الإعلامية باختصار هي النصر من دون حرب، وبتعريف أشمل هي عبارة عن بث الأفكار والإشاعات والمعلومات.‏
والدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وضعت الإعلام أولوية في حروبها ومن هنا تم الاعتماد على الحرب الدعائية حتى أصبحت ركناً رئيسياً من سياستها العدوانية.
يقال إن 6 مليارات دولار ما تنفقه الولايات المتحدة سنوياً على الدعاية الخارجية وهو ما تنظمه وكالة الاستخبارات المركزية في الإنفاق من حيث تمويل مئات المجلات والصحف والفضائيات في مختلف أنحاء العالم وبأكثر من 20 لغة.‏
”أفرام نعوم تشومسكي” أحد فلاسفة هذا العصر المشهورين، وهو يهوديّ تحدث عن تسع استراتيجيات أساسية تلقي الضوء على أساليب صناعة وعي الشعوب وإعادة هيكلتها، بحيث تسهّل عملية السيطرة ومنها استراتيجية الإلهاء وتتجسّد في تحويل انتباه الرأي العام عن طريق ضخ وابل من الإلهاءات والمعلومات التافهة بشكلٍ متواصلٍ وكثيفٍ.
وبالتالي أصبح الإعلام سلاحاً أمضى في ترسيخ معلومات وأمور ترغب أميركا في تعميمها أو العكس، وهذا يتطلب إمكانات مالية تكنولوجية كبيرة وكله موجود لدى الولايات المتحدة وأصبحت وسائل الإعلام ركناً رئيسياً من سياستها العدوانية وذراعاً للتحكم في فرض ما تريد، حتى أن ”البروباغندا” كانت أساس التحرك في أي عدوان لها فالحرب الدعائية، تشنها الولايات المتحدة من أجل تحقيق مآربها في كل مكان من العالم حتى مع الأدوات التي تصنعهم وتبرزهم على أنهم أعداؤها وكي لا نذهب بعيداً سنأتي على ذكر أمثلة من الواقع فقبل أي استحقاق انتخابي في الولايات المتحدة الأميركية يجب أن يكون هناك حدث إعلامي ضخم للتأثير في نتائج الانتخابات المحتملة ومنها:
*الرئيس الأمريكي جو بايدن يعلن يوم الإثنين 1 آب مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيَّار في العاصمة الأفغانية، كابول.
*أعلن جو بايدن في شباط مقتل زعيم تنظيم داعش، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية عسكرية لمكافحة الإرهاب نفذتها قوات العمليات الخاصة الأمريكية في سورية في شباط 2022.
*أعلن البيت الأبيض والجيش الأمريكي في تموز عن مقتل ماهر العقال، أحد كبار قادة تنظيم داعش في سورية والمسؤول عن جهود توسيع شبكات داعش خارج سورية والعراق، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار استهدفته في شمال غرب سورية.
*أعلن الرئيس دونالد ترامب في تشرين الأول 2019 مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش آنذاك، خلال عملية عسكرية نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في سورية.
*الجيش الأميركي يعلن مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة فجر الاثنين 14 جمادى الأولى الموافق 2 أيار 2011 في أبوت آباد الواقعة على بعد 120 كم عن إسلام أباد في عملية اقتحام أشرفت عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية واستغرقت 40 دقيقة.
*في 7 حزيران من عام 2006، قتلت القوات الأمريكية أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة بالعراق، في غارة جوية على منزل آمن كان يمكث بداخله شمال بغداد.
بعد كل هذه الأمثلة نرى الولايات المتحدة الأميركية استخدمت البروباغندا في الحرب العالمية الأولى، كما في غيرها من الحروب، على حساب الحقيقة حتى أن لجنة الإعلام العامة التابعة للحكومة الأمريكية شكلت قسمًا للدعاية المصورة منذ عام 1917 وأكدت اللجنة، التي كان يرأسها الصحفي الاستقصائي السابق جورج كريل، في رسالة أن تورط أمريكا في الحرب كان ضرورياً تمامًا لتحقيق خلاص أوروبا من القوات الألمانية والقوات المعادية.
وكان لرسالة اللجنة صدى عميق داخل كل مواطن أمريكي وعملت أيضًا كمنظمة مسؤولة عن نقل رسالة أمريكا وفرض هيبتها إلى كل ركن من أركان العالم وما زالت مستمرة إلى الآن.. هل حقاً أمريكا كذلك، أم أننا نشاهد صورة دولة صنعتها هي في عقولنا؟

آخر الأخبار
البنك المركزي.. توجه عربي ودولي لتطوير القطاع المصرفي موجة التهاب الكبد في سوريا.. قراءة هادئة في الأرقام والوقائع الميدانية تحويل رحلات جوية من دمشق إلى عمّان بسبب الضباب وزير الخارجية الإيطالي يدعو إلى مشاريع مشتركة مع السعودية في سوريا استكمالاً للمسار الدبلوماسي السوري الأميركي.. وفد من "الكونغرس" يزور دمشق استئناف الترانزيت عبر سوريا.. خطوة استراتيجية لتعافي الاقتصاد وتنشيط التجارة الإقليمية معركة التحرير في الاقتصاد.. من الاحتكار إلى الدولة الإنتاجية توقيت الزيارة الذي يتزامن مع عيد التحرير له رمزية...ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن في زيارة مرتقب... الاقتصاد الدائري.. مسار جديد لمواجهة التحديات البيئية والخدمية القطاع الصحي في حمص.. تقييمات ميدانية تكشف مزيجاً من التحسن والشكاوى اطلبوا الإعمار ولو في الصين! طلاب المهجر بين فرحة العودة وصعوبات الاندماج.. الفجوة اللغوية في صدارة التحديات لقاءات ندية في دوري المؤتمر كومباني وفابريغاس.. جيل مدربين شباب يصنع مستقبل الكرة الأوروبية الحياة تعود إلى ملاعبنا بعد منتصف الشهر القادم صوت النساء في مواجهة العنف الرقمي صورةٌ ثمنها مئات آلاف الشهداء المواطن يدفع الثمن واتحاد الحرفيين يعد بالإصلاح عندما تكون المنتخبات الوطنية وسيلة وليست غاية! أولى أمطار دمشق تكشف ضعف جاهزية شبكات التصريف