من يرى إصرار وسعي واشنطن لإنجاز اتفاق نووي جديد يقيد نشاطات إيران النووية السلمية ويقطع الطريق عليها كقوة نووية صاعدة في المنطقة، لا يمكن أن يبرر إصرارها غير الأخلاقي على تفجير كارثة نووية في أوكرانيا من خلال تسليح وتحريض نظام كييف النازي على الاستهداف الممنهج لمحطة زابوروجيه النووية، وما يمكن أن يحدثه هذا الاستهداف المجنون من أضرار لا يمكن تخيلها لأوكرانيا وجيرانها الأوروبيين.
من يعرف تاريخ الولايات المتحدة الأميركية في صناعة الأسلحة النووية واستخدامها ضد البشرية وخاصة في هيروشيما وناغازاكي، لا يمكن أن يستغرب ما حذرت منه موسكو قبل أيام بشأن السلوك الأميركي العدواني في أوكرانيا، فالصمت المريب تجاه ما تفعله المجموعات القومية الأوكرانية المتطرفة من استهداف متكرر للمحطة النووية، يشي برغبة أميركية في إحداث كارثة خطيرة وتحميل مسؤوليتها للجانب الروسي، من أجل حشد العالم كلّه في الحرب على روسيا.
ففي قيادة إمبراطورية الشر الأميركية وفي دولتها العميقة يقبع أشخاص عديمو الرحمة والإنسانية هدفهم نشر الموت والرعب وإلحاق المزيد من الخسائر بالخصوم والأعداء والمناوئين – وأحيانا لا يأبهون للحلفاء – من أجل الحفاظ على سياسة الهيمنة ونهب ثروات العالم والتصرف بمقدراته لخدمة مشاريعهم الخاصة، ولا يعوزهم الخبث ولا الوسيلة، فهم تلامذة مكيافيللي وقدوتهم جملته الشهيرة “الغاية تبرر الوسيلة”..!
الخطير أو ربما الأكثر خطورة هو أن كارثة مثل هذه لو حدثت ستكون تبعاتها أكبر بكثير من كارثة تشيرنوبل، مع فارق أن استهداف محطة زابوروجيه هو استهداف متعمد لتفجير أوروبا وإلحاق أضرار فادحة بها وبشعوبها، ولعلّ المستغرب هنا كيف يصمت الأوروبيون صمت الأموات على هذا السلوك العدواني دون أن يستشعروا الخطر المحدق بشعوبهم وبلدانهم.. فهل وصل بهم الأمر حدّ التبعية العمياء التي تقودهم إلى الجحيم..؟!