الثورة _ فاتن أحمد دعبول:
بعيدا عن ترهات العصر وبعض ما تنتجه وسائل التواصل من مفاهيم لا تسمن ولا تغني، ينشغل المبدعون من الأطفال والشباب بالقراءة والإبداع في فنون القصة والرواية والشعر، وأيضا الموسيقا والرسم، يحتضنهم فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، الذي أصبح بيتهم الثقافي الآمن برعاية الشاعر قحطان بيرقدار في الملتقى الذي يجمعهم في يوم الاثنين الأخير من كل شهر.
ويبين د. إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب أن هذا الملتقى أصبح تقليدا شهريا، يضم الشباب والأطفال ممن يتمتعون بغير موهبة أدبية أو فنية، من أجل رعايتهم وتنمية وعيهم وتحصينهم في ظل ما يعترضهم من الضغوط النفسية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، والاهتمام بقضاياهم ويشعرهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.
ونحن في اتحاد الكتاب نشعر بفرح حقيقي عندما نتابع هذه الإبداعات الخلاقة، ونقف إلى جانبها، وهذا الملتقى يتم بالتعاون مع رابطة أدباء سورية الافتراضية، واقترح بدوره إقامة دورات لتمكين هؤلاء الشباب باللغة العربية، وتأهيلهم للكتابة بلغة سليمة.
وفي تقييمه للمشهد الثقافي الشبابي يبين مدير الملتقى الشاعر قحطان بيرقدار أن الملتقى أسس في العام 2015، واستطاع خلال هذه السنوات أن يستقبل عددا كبيرا من المواهب الشابة والأطفال، وبالحقيقة التطور واضح في تجاربهم سواء على مستوى مشاركاتهم في الملتقى أو في غير منبر ثقافي، وبعضهم بدأ يكتب في الصحف والمجلات وينشر في الدوريات الأدبية.
وهذه المواهب تخضع تجاربهم للتقييم والمراجعة للنهوض بهم وتطوير مهاراتهم اللغوية والأدبية، ما يساهم في تقدمهم، إضافة إلى اجتهاداتهم الشخصية، واللافت هذا الإقبال على الملتقى من قبل الأهل ومن ذوي المواهب ومشاركة أصحاب التجارب الكبيرة، فالملتقى مفتوح للأجيال كافة، ليكون فرصة للتلاقي وتلاقح التجارب والحوار الهادف.
وتصف الشاعرة إيمان الموصللي الملتقى بأنه ظاهرة صحية، حيث ينشغل الجيل بالقراءة والكتابة، ويتبنى فرع دمشق مواهبهم، ويقدم لهم التوجيهات بنقد بناء، وتقول: أنا من المشجعين لهؤلاء الشباب، وهي فرصة لهذه الفئة العمرية أن تكون على تواصل مع شريحة الكتاب والمثقفين للارتقاء بذائقتهم وتنمية مواهبهم وقضاء الوقت بالمتعة والفائدة.
تنوعت المشاركات بين القصة والشعر وبعض الخواطر، وكان لمشاركة بعض الأطفال بنتاجاتهم المتميزة نكهة الحب والتفاؤل بجيل يتحدى نفسه ليخرج من عنق الزجاجة على العالم الأكثر رحابة.
ومن المشاركات نقف عند ما كتبته غنوة عباس “أدركت أن ما أصابني من خوف وضعف، ليس سببه تلك الحادثة فحسب، وإنما وهم خلقته بنفسي، فكبلني بأقفاص الأشياء والشك، ولو كان عمرا حقيقيا لأسرني بقفص الحرمان، لكني الآن أقف مرة أمام ذاتي بعين الكمال، أرى الأنوار في آخر المطاف، قد نجحت في إرسال خيوط من الأمل.
ومن مشاركة عابد زينو نقتطف” حطامي على الأرض مرمي، لا يحمله أحد خوفا من حظي العاثر أن يصيبهم كفيروس مأجور لجعل الأحمر أسود، وما هي إلا أفكار ساعتين في زاوية المنزل، في زاوية المنزل أجلس متكئا على الحائط والباب لا يتوقف عن الطرق في دماغي، منتظرا فرج السماء على بائس الحيا ..”
وكعادته في كل مرة يستضيف الملتقى شخصية أدبية، تقدم نبذة عن تجربتها، وكان الضيف في هذه الجلسة الشاعر غدير إسماعيل، الذي أكد على أهمية متابعة الشباب للقراءة لتطوير مواهبهم، وقدم بدوره نقدا بناء للتجارب المشاركة في الملتقى، وأشار إلى ضرورة التمكن من اللغة لأنها الحامل الأساس للمنتج الإبداعي.
كما شارك بقصيدتين اتسمتا بلغة عالية وعمق في المضمون والفكرة.
السابق