لم يتوقع الشاب محمد حامد حمشو الذي لقي حتفه الأحد في دمشق أن تنتهي طموحاته وأحلامه تحت عجلات باص النقل الداخلي حين كان يحاول اللحاق بباص الدوار الجنوبي للوصول إلى جامعته على طريق المتحلق، ليحلق هو عالياً في السماء وتبقى سنوات شبابه وطموحاته تحت العجلات شاهداً على الكثير من الأخطاء وسوء الإدارة وضعف الرقابة المتفشي في جميع قطاعات الحياة في بلادنا.
الشاب الذي لم يتعد عمره 21عاماً كان فقط يريد أن يجد له موطأ قدم خوفاً من التأخر على جامعته للوصول في الوقت المحدد في ظل أزمة خانقة تجبر هؤلاء الشباب والمواطنين على ارتياد سلوكيات وأساليب قد تكون خطرة في سبيل الوصول إلى مبتغاهم بأسرع ما يمكن.
الجهات المعنية أعلنت كعادتها فتح التحقيق وتوقيف السائق الذي لاحول له ولاقوة في ظل الطوفان البشري الذي يداهمه حين توقفه لإنزال راكب أو صعود آخرين، وهو بالنتيجة لايستطيع السيطرة على هذه المشكلة وحده، وهذه ليست الحادثة الأولى هناك عشرات الحوادث من هذا القبيل تحدث يومياً، ولكن الحل ليس بهذه السهولة فتح تحقيق وتوقيف سائق وبعد أيام ترجع الأمور إلى ماكانت عليه وعلى شاكلة المثل الشعبي”عادت حليمة لعادتها القديمة”.
مشكلة النقل في دمشق التي لم يبق قلم ولاصوت ولامنبر إلا ودعا لمعالجتها على الأقل بالتخفيف من وطأتها لاتزال قائمة ويزداد وضعها سوءاً على سوء رغم كل الحلول التي تم وضعها.
نعم الحلول التي وضعت لم تجد نفعاً حتى الآن لأنها حلول مجتزأة وآنية تتبدل معطياتها كل حين ولاتعود مجدية،وتقليد تجارب أخرى لاتمت لواقعنا بصلة لم يفلح هو الآخر سوى في تعقيد الأمور، وستبقى المشكلة قائمة مالم تعالج على مستوى علمي واستراتيجي صحيح من قبل خبراء ومختصين حقيقيين في هذا المجال، وليس اعتماداً على لجان السير التي غالباً ما تفتقد للعين والفكر الخبيرين في اتخاذ القرارات الملائمة وكل تبرير بإلقاء اللوم على شماعة الحرب والأزمة بات غير مقبول على الإطلاق بالنسبة للمواطن السوري.
ولعل جسد الشاب حمشو الذي هوى تحت عجلات الباص يكون قرباناً على طريق الصحوة للتفكير بشكل جدي لحل المشكلات التي يكابدها قطاع النقل ووضع الأمور في نصابها.