تحفل يومياتنا بقرارات ومبادرات وإجراءات واضحة النتيجة السلبية ومع ذلك، ورغم كل ما يقدمه المواطن بالطرق المتاحة من اعتراضات إلا أن القرار يصدر بإصرار غريب ويصيب المواطن في غير مصلحته، تاركاً خلفه الكثير الكثير من المعاناة والتعقيدات التي لا تمت بالهدف المعلن عنه بصلة.. وهذا واقع لا قصة..
بالأمس تحديد عدد ربطات الخبز بأيام معينة من الأسبوع بذريعة تخفيف الازدحام، ورغم ذلك يقصد المواطن الفرن بعد الثانية عشرة ليلاً ويحصل على ما يريد ليكون القرار في غير محله، لأن الازدحام هو بفارق ساعة أو أقل في بعض الحالات، وقبلها الرفع المتتالي لأسعار الاتصالات والإنترنت بحجة الحفاظ على الجودة، وهي جودة غير موجودة أصلاً، ويستمر القرار وتستمر المعاناة من هذه الجودة.
الأمثلة كثيرة من الكهرباء للماء، مروراً ببعض قرارات المرور والأسعار المحددة منها والمحررة، وكلها تمضي صوب اتجاه يعاكس ما يريده المواطن الذي بات خبيراً بكل تعقيدات ومتاهات القرارات دون نتيجة لاعتراضاته، وبما يفتح الباب واسعاً أمام التساؤلات حول الإصرار على هذه القرارات التي لا تخدم مواطناً ولا قطاعاً..!!
إن لم يكن لجيش المستشارين ومديري التخطيط والبحوث وسواها من التسميات، إن لم يكن لرأيهم دور في تصويب القرار أو حتى الاستئناس به فلماذا هم موجودون.. بل لماذا يوجدهم من أوجدوهم في مطابخ القرارات ويحتفظون بهم حولهم.. والأهم من ذلك: هل يقدمون رأياً صحيحاً مبنياً على وقائع من الأرض، أم أنهم يقومون بذلك فعلا ولكن لا يؤخذ برأيهم.
هي معضلة من وزن متاهة اللابيرنث الإغريقية الأسطورية التي يعرف بطل الحكاية أنه لن يخرج منها وإن خرج فلن يكون سليماً، وبعبارة أخرى يبدو أن هذه النوعية من القرارات تُتخذ وبغض النظر عن نتائجها.. ولذلك تفسير واحد: أنا الأفضل، ولكن لا بد من اكتمال البريستيج.