على أهمية ما تقوم به التربية ومديرياتها في مختلف المحافظات في تتبع وإنجاز عملية إجراء تسويات بين العديد من المدارس، وفي مناطق وتجمعات سكانية متعددة، إلا أن الكثير من هذه التسويات تبدو في غير محلها المناسب، حيث أحدثت إرباكات لمدارس على حساب مدارس أخرى، وعدم استقرار للطلاب الذين شملتهم هذه التسويات.
فإحداث شعب صفية جديدة في مدارس لمراحل التعليم الأساسي للدوام النصفي دون تجهيزها بمستلزمات العملية التعليمية أحدث كثيراً من الإرباكات لهذه المدارس، ولاسيما مع سير العملية التعليمية، وتوزيع الحصص واستدراك النقص في الدروس للتلاميذ الوافدين لهذه المدارس، عدا عن إرباكات للأهل في عدم استقرار دوام أبنائهم في مدرسة أو تجمع واحد.
ومع أن الهدف من التسويات تخفيف الكثافة الصفية وإلغاء الدوام النصفي في المدارس، وهذا بحد ذاته أمر غاية في الأهمية ضمن خطط عمل التربية للتخلص من الدوام النصفي تدريجياً وعبر سنوات متتالية لما تعانيه الكثير من مدارس هذا الدوام من صعوبات تعيق سير التعليم فيها نتيجة للكثافة الصفية التي تفوق الحدود في الشعبة الصفية الواحدة.
إذ تعد مشكلة الدوام النصفي من أبرز المشكلات التي تعانيها التربية منذ سنوات وتعمل للتخلص منها وفق خطة معتمدة لهذه الغاية، إلا أن المشكلة تتطلب المزيد من الإمكانيات والإجراءات، ولاسيما في ضوء الأعداد الكبيرة من المسجلين في المدارس، وزيادة الكثافة السكانية في مناطق معينة وما يتطلب ذلك من شعب جديدة وحاجة أكبر لهذا الدوام.
وليزيد من المشكلة أكثر خروج مدارس عدة من الخدمة نتيجة التخريب والتدمير الذي لحق بهذه المدارس على يد العصابات الإرهابية جراء الحرب الكونية على سورية، ذلك كله سبب تأخيراً للتخلص من الدوام النصفي، ولاسيما لمدارس الحلقة الأولى للتعليم الأساسي، إضافة للمشكلات التي تواجهها الأعوام الدراسية المتتالية من عدم جاهزية الأبنية المدرسية لتحقيق الاستقرار المنشود للعملية التعليمية.
وإن تكن التسويات أمر لابد منه، كان الأجدر بمديريات التربية إنجاز جميع التسويات قبل بداية الدراسة، وعدم الانتظار حتى بعد أكثر من الشهر من افتتاح المدارس، مع أهمية أن تكون التسويات مدروسة جيداً وتحقق التوازن بين المدارس، وتأمين متطلبات الشعب الجديدة والكوادر التدريسية، لها وتلافي أكبر قدر مما تحدثه التسويات العشوائية من إرباكات للمدارس والطالب والأهل معاً.