عبرها نعيد صياغة ذاتنا، ننفض عنها ما علق بها من كل الزوايا التي تحدنا لنتماهى مع قول الكاتب الياباني هاروكي موراكامي ” أنا حر، كتلك السحب السابحة في السماء، وحدي تماماً وحر كلياً، أقرر أن أبدد الوقت حتى المساء في المكتبة، منذ صغري وأنا أحب قضاء معظم وقتي في المكتبات…”
الحرية التي تمنحنا إياها القراءة تأخذنا طيلة الوقت إلى انزلاقات لا تنتهي خاصة حين تعاكسنا الأيام، ويبدو الأفق مغلقاً، في هذا الوقت بالذات إن أحسنا اختيار تقليب الأوراق وفقا لمزاجنا أولاً حتى لانصاب بالملل، ومن ثم نختار الكتب التي تلهمنا، في زمن نبدو فيه بلا أفكار تحكمنا، سوى تهافت فذ نحو عملية شكلانية مضنية..
خلال هذه الأيام ونحن نعايش في مكتبة الأسد معطيات الكتاب السوري بمرافقة أنشطة ثقافية، تبدو كخلفية تحتمي بالكتاب من كل تسطيح يهب صوبها، خاصة حين يكون كاتبه مبدع لا تتراخى أفكاره في أي زمن.
صحيح أن أيام الكتاب السوري التي نعيشها اليوم تأتينا في وقت عصيب، لا بسبب ظرفنا الاقتصادي، بل ولأن الكتاب الورقي بحد ذاته، أصبح في مواجهة الكتاب الإلكتروني وكل هذا الضخ الإلكتروني وخاصة المرئي، في موقف لا يحسد عليه.
كل المعارض والأنشطة التي تحكي عن أهميته وجدواه وتربط بينه وبين الفكر الحقيقي، تبقى في حيز المهتمين والناشطين في مجال النشر وصناعة الكتاب…
ولكن لو أن هاجس القراءة الذي لايزال يتملك كثر، بالإمكان نقله إلى آخرين، بحيث يصبح الأمر عبارة عن دوائر متصلة…لاختلفت الحالة الإدراكية خاصة للبشر الذين يعانون من الأزمات، لن يبقى الآخر هو الملام، ولن تتكاثر التعقيدات وتلتف حول رقابنا كحبل يضيق خناقة كلما اقتربنا من بعضنا…
حين نعتنق كل تلك الأفكار المبدعة ومن ثم ننقلها إلى سلوكنا قد تتغير مصائرنا إن أتقنا فعل ذلك، ولن نشبه السحب التي حدثنا عنها موراكامي، بل سنبدو كأننا في حقل زراعي كل ما فيه يرتوي بمطر حقيقي، سيتمكن زرعه النمو حتى في أحلك الظروف…!