ربما لا يحتاج الأمر إلى اجتماع تنسيقي بين التربية والمنظمات الدولية الشريكة لتنفيذ ما يتعلق بموضوع مجالس الأولياء في المدارس.. وهو الأمر المنفذ أصلاً منذ عشرات السنوات في مدارسنا سواء في الريف أو المدينة.. فمن منا لا يذكر كيف تتم دعوة الأهالي إلى المدارس والقيام بجلسة حوارية مطولة في الفصلين الدراسيين الأول والثاني وتتم خلالها مناقشة قضايا تهم المعلمين وأولياء الأمور والوقوف على المشكلات الموجودة وكيفية حلها بشكل تربوي مجتمعي تفاعلي..على ما يبدو أن المنظمات الشريكة أصبحت طرفاً هاماً في غالبية المناقشات التي تتعلق بالقطاع التربوي لدينا وشريكاً حتى في المهام التربوية التي تقام في مدارسنا بشكل بديهي وتقليدي.
قد لا تكون المشكلة في وجود الشركاء بقدر ما هي في اختيار المواضيع المتعلقة بهذه الورش المغلقة التي تقام خلف الكواليس وتتبنى مواضيع هي بالأساس موجودة ضمن قواميس العمل التربوي لدينا.. فقد كان الملفت لدى المشاركين في ورشة مناقشة محور مجالس أولياء الأمور والمعلمين المشتركة مع ممثلين عن مؤسسة الآغا خان للتنمية، والمنظمات الدولية (اليونيسيف، والفنلندية للإغاثة، والانترسوس المتطوعين المدنيين) أنهم توصلوا إلى هدف استراتيجي وهو تفعيل عمل مجالس الأمور الذي هو مٌفعل أساساً في المدارس.. وإن كان لا يطبق في بعض المدارس فهذا أمر آخر يتعلق بالجوانب التنفيذية والمتابعة من مديريات التربية، أما الجانب الأكثر إثارة في هذا الأمر هو التصريح بضرورة عقد ورشة لاحقة مع الشركاء من المنظمات الدولية تمهيداً لتجريب هذا المحور المجرب.
إن لموضوع مجالس الأولياء أهدافاً تربوية مهمة من خلال تضافر جهود البيت والمدرسة والآباء والمدرسين في دراسة مشاكل أبنائهم الطلبة ومعالجة العقبات التي تعترض حياتهم المدرسية.. ونحن لسنا بصدد مناقشة هذا الأمر ولكن من باب الأولى أن تصرف الأموال المقدمة من هذه الشراكات والتي يذهب جزء كبير من مخصصاتها إلى عاقدي هذه الورش، على أمور تربوية تعالج ما تعانيه مدارسنا من نواقص كبيرة وخاصة أننا على أبواب شتاء قاس ولا تزال الكثير من المدارس تحتاج إلى شبابيك لردع برد الشتاء ومعالجة الأبواب المكسرة وتأمين المحروقات، أو أي وسائل تدفئة أخرى، وما المانع أن توجه أموال هذه الورش لتركيب طاقة بديلة لتأمين التدفئة والإنارة لمدارسنا، مراعاة للحالة النفسية والجسدية التي يعيشها طلبة هذه المدارس نتيجة للعتمة والبرد وما يتبع ذلك من مشكلات يومية.
لا نشكك بالدعم الذي تقدمه هذه الشراكات للجوانب التعليمية ولكن كيف يكون ذلك وما هي آليات التطبيق وما هي المعطيات والمرجعية على الأرض في غالبية المشاريع التي يتم الإعلان عنها.. هذا ما يلفه الغموض وما يحتاجه العامة وخاصة العاملين في الجوانب التربوية لكي يتلمسوا نتائجه سواء في معالجة الفاقد التعليمي أو مشكلات التسرب المدرسي المستمرة، ونقص الكوادر والاهتمام بالجوانب الخدمية والصحية للطلبة.