حتى مع طرحه كعنوان بارز لندوات حوارية، واجتماعات عدة لجهات معنية ورسمية وجمعيات أهلية متخصصة، لم يحظَ هذا العنوان بصدى وقبول ملحوظ لدى الأفراد لجهة اعتماد ثقافة الشكوى من باب المطالبة بحقوق الأفراد، والمساهمة في المساعدة وتفعيل أدوار المواطن في لحظ مخالفات وتجاوزات تحدث في كثير من الجوانب دون أي اعتبارات لعواقب هذه التجاوزات.
ففي جانب الأسعار وارتفاعها المستمر واستغلال المستهلك من قبل كثير من الباعة وتجار السوق الطامحين أبداً لمزيد من الأرباح، بدا المستهلك بحيرة بين الواقع والشكوى، ولم يعد في حاجة لها، ولسان حاله يردد، مانفع الشكوى طالما التجاوزات واضحة، ومخالفات الأسعار بحجج واهية باتت لاتحتاج لشكوى بقدر ماتحتاج لرقابة أكبر، ومحاسبة شديدة لمن يتاجرون باحتياجات مستهلك بات همه اليومي تأمين مستلزمات عيشه بأبسط الأشكال.
كما أن حال الأسواق اليومي يؤكد فلتان حالة الأسعار والفوضى فيها، حيث تجاوز ارتفاعها الحدود والتوقعات، لدرجة أن محال كبيرة ومولات مشهورة وحتى باعة الأسواق الشعبية والبقاليات الصغيرة في مختلف الأحياء ترفع أسعار مختلف المواد لأكثر من مرة في اليوم الواحد، ولسلع استهلاكية أساسية للمعيشية اليومية، حيث لاغنى عنها كمتطلبات بسيطة لابد منها.
وفي ظروف معيشة صعبة من جهة وفقدان القدرة الشرائية للأفراد وذوي دخل محدود جداً لايستطيع أبداً مسايرة هذا الارتفاع اللا معقول أو المقبول في الأسعار من جهة أخرى، قد لاتنفع أية شكوى في كبح جماح الطمع والمخالفات العلنية في استغلال المستهلك الذي بات حلقة ضعيفة ولاحول له ولاقوة في أي مواجهة في هذا الأمر.
وأي شكوى أو حتى شكاوى كثيرة لا يمكن أن تحقق جدواها المطلوبة والغاية منها مادامت التجاوزات مستمرة، حتى مع كثير من تأكيدات الجهات المعنية بالتشدد في عقوبات المخالفين، وأين هي هذه الجهات من تأمين حماية المستهلك ومحاسبة المخالفين، وضبط الأسعار وعشوائية التسعير والمزاجية في عرض السلع واحتكارها، والمتاجرة باحتياجات المستهلك وحتى بصحته وسلامة غذائه.
ومع عدم الاستهانة بأهمية ثقافة الشكوى وتعميمها بين الأفراد، هناك أيضاً أدوار مهمة ضروري جداً تفعيلها ولحظها في الظروف الحالية، ومطلوبة من جهات عدة في المراقبة والحضور أكثر ورصد الواقع وإنصاف المستهلك وحمايته، ووضع حدود وضوابط في الأسعار وطمع واستغلال التجار.