اختراق المألوف

الملحق الثقافي- علم عبد اللطيف:

اللغة هي الخطاب مكتملاً..بين مرسلٍ ومستجيب. لا بد من توصيل الكلام ليكون لغة.. تداعي الافكار الداخلية..المونولوج.. يفتقد مخاطَبا.. ولا يرقى إلى مستوى الخطاب أو اللغة..وقد أجمع الألسنيون على أن اكتمال شرطي الإرسال والتلقي..يجعل من اللغة كائناً حياً.. كائن هو منتج الخطاب وصانعه.
وإذا كانت كل مستويات الحديث بين متحدث ومتلقٍ..هي لغةٌ حقيقية..فإن هذه اللغة لا ينحصر دورها في الإبلاغ والتوصيل فحسب..بل يتعدى ذلك إلى الاستثارة والفعل.
اشتُقّت كلمة الخطابة من هذا المستوى من الخطاب.. خطابة تبتغي ما هو أكثر من التلقي والفهم.. حثٌّ على فعل.. توجيه.
اعتُبِرت الخطابة أحد أجناس الأدب.. لكن انتماءها للأدب لم يحد من دورها الفاعل اجتماعياً وفكرياً وروحياً.. وإذا كانت الخطابة قد تم تصنيفها في الأدب العربي المنقول لنا.. ينحصر دورها كما نجد.. في البلاغة.. باعتبارها أهم أشكال البيان.. في مرحلة بيان اللغة والفكر تاريخياً.. فإن الخطابة في مراحل تاريخية تالية..قد تعدت هذا الدور وطورته.. أصبحت الخطابة فعلاً مكتملاً بمحمولها الفكري.. وقامت بمهمة التركيب في الخطاب.. وهو ما دعي بالعرفان.
هذا التحول في الخطاب.. حمل حقيقةً دوراً مستجداً للغة والخطاب..دور يتطلب تفكيك الخطاب.. وفي هذا تعددت دلالاته بتعدد متلقيه.
تحدث المتصوفة بلغة وخطاب جديد.. والجديد دوماً يستدعي الإنكار.. فاتهموا بالجنون واللوثة.. ويورد المؤرخون أن هؤلاء..أي المتصوفة..لم يحاولوا إنكار التهمة..لسبب مهم..هو أنها تبرؤهم من تهمة هرطقة أودت بحياة مفكرين كثر عند الشعوب الاخرى..وإذن.. جنون الخطاب..كان ثورة داخلية وخارحية فيه.. داخلية على صعيد التركيب اللغوي..وخارجية على مستوى التأثير والتثوير.
في الشعر..كان الخروج على مألوف القول يعتبر جنوناً.. ولكم الصقت التهمة بشعراء الصعلكة وصولاً إلى أبي النواس.
في العصر الحديث.. كان جنون القصيدة..أحد صانعي قيمتها.. باعتبارها خطاباً يخترق تابو الشعر التقليدي..شكلاً ومضموناً..وحملت القصيدة في مراحل متأخرة جنوناً تجلى بشتائم وتحدٍ بمواجهة حالة استدعت ذلك كما يزعمون.
عموماً. يرى المتابعون..أن الجنون في الخطاب هو ثورة فيه.. ثورة تجاوزت مستويات البيان.. والعرفان الصوفي الى مرحلة البرهان والدليل.. وهو التحول الكبير في الخطاب معرفياً وثقافياً.
وصل إلى جنون اللغة.. وهو تفجير إمكاناتها على مستوى المفردة والجملة والمصطلح.. جنون فاعل ومستحب يعبر عن حقيقة بقاء اللغة حية.. تتحرك وتتحول.. وتقدم ذاتها كائناً متحركاً وفاعلاً.. ولا أدل على ذلك من جنون قصيدة الحداثة..جنون التمرد والهدم..جنون يشكل طفرة في الشعر..جنون تحول كبير.. قد يصبح تعقلاً في الآتي من الأيام.
العدد 1117 – 25- 10-2022

آخر الأخبار
حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ بعد غياب أربعة أيام.. التغذية الكهربائية تعود لمدينة جبلة وريفها حدائق حمص خارج الخدمة.. والمديرية تؤكد على العمل الشعبي سوريا في صلب الاهتمام والدعم الخليجي - الأوروبي كوينتانا: معرفة مصير المفقودين في سوريا "مسعى جماعي" العمل عن بعد.. خطوة نحو إدارة عصريّة أكثر مرونة