شكلت بعض القرارات الوزارية التي اتخذت مؤخراً مثل منح إجازات استيراد بوتوكس وفيلر مادة دسمة للتداول والانتقاد من جانب كبير من المواطنين على صفحات التواصل الاجتماعي، رغم أن وزارة الاقتصاد عادت وأكدت أن قرارها جاء بعد مطالبات من القطاع الصحي ونقابة الأطباء لأنها تدخل باستخدامات طبية، وأنها أساساً كانت قد منعت استيراد المادة سابقاً، لكونها ترتبط ببعض العمليات التجميلية، والتي لا تشكّل أولوية بالنسبة للمواطنين في ظل الظروف الحالية، لكنها وافقت أخيراً لحاجتنا إليها بالجانب الطبي.
وبغض النظر عن منعها سابقاً للسبب الوجيه المذكور والموافقة على استيرادها الآن للسبب الوجيه المذكور أيضاً، فإن ما يطلبه المواطن هو تحسين مستوى معيشته وتأمين قوت أسرته في ظل جنون الأسعار الذي يكتسح الأسواق.
فأول ما يريده المواطنون بظل هذه الظروف الأكثر من قاسية وصعبة عليه أن تتجه أولويات الجهات المعنية نحو الوضع المعيشي ويتم توجيه الإمكانيات والموارد والجهود نحو البوصلة الحقيقية وهي تحسين مستوى معيشتهم، والتخفيف من معاناتهم ودعم العملية الإنتاجية وحامليها الأساسيين الزراعة والصناعة، لأنهما الأقدر على ضخ المواد والسلع التي تسد جانباً من احتياجات السوق والمستهلكين.
ومع كل ما تفرضه الظروف الصعبة التي يتعرض لها المواطن، فإنه يمكن أن يستغني عن العديد من المواد كاللحوم بأنواعها والبيض والألبان والأجبان وهي بالفعل أصبحت نادرة على طاولة طعامه، لكنه لا يتحمّل جشع بعض التجار لاحتكار تلك المواد وغيرها لغرض بيعها لاحقاً بأسعار مرتفعة عند زيادة الطلب عليها، فلا يمكن أبداً لأم وأب أن يصبرا على بكاء طفل رضيع جائع يحتاج إلى حليب الأطفال.
ومن غير المقبول هنا السماح لأصحاب الضمائر الميتة من بعض المستوردين والمنتجين والتجار أن يخفوا المادة قليلة العرض أصلاً في السوق لبيعها للأهل بأسعار مضاعفة مستغلين حاجتهم الماسة لها، أو أن تقف الجهات المعنية مكتوفة الأيدي تجاه ما يحصل من فقدان للمادة يتكرر بين فترة وأخرى دون اتخاذ إجراءات استباقية تضمن ديمومة توريد حليب الأطفال وعدم انقطاعه باعتباره أولوية الأولويات، والأهم الحفاظ على أسعار منطقية له ومحاسبة كل من تخول له نفسه التلاعب به.