سوِق الكيان الصهيوني عبر الرواية الغربية السياسية والإعلامية على أنه واحة ديمقراطية وسط جزر من الاستبداد والتخلف الشرقي وتم تعويم تلك المقولة والتمهيد لها وفق أغلب كتابات الاستشراق، ما أثر في تشكيل صورة نمطية سلبية عن العرب في الوعي العام لدى شعوب الغرب على وجه العموم وهي صورة لازالت إلى حد كبير قائمة وربما كانت احد أسباب الوعي الضدي المتشكل في الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية، ومع استمرار قوات الاحتلال في سلوكها العدواني تجاه الشعب الفلسطيني ولاسيما خلال الفترة الأخيرة التي شهدت تصعيداً نوعياً في شكل مواجهات أبناء الشعب العربي الفلسطيني في كامل الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان العربي السوري المحتل، على الرغم من التعتيم الإعلامي على ما يجري فيه لجهة فصل الساحات المقاومة ومع انتهاك الصهاينة المستمر لكل القوانين والشرائع الدولية يتكشف للرأي العام العالمي زيف الادعاءات الصهيونية وجملة الأكاذيب التي يسوقها عند الحديث عن سياسات مختلفة للأحزاب الاسرائيلية فيما يتعلق بما يسمى قضية السلام والحل السياسي لجهة مراهنة البعض على اختلاف في تلك السياسات، فبالعودة للخارطة السياسية والحزبية في (اسرائيل ) نكتشف تعددية حزبية لا تتناسب وعدد المستوطنين في تلك البؤرة الاستيطانية فثمة العشرات من الأحزاب ذات المشارب المختلفة وهي في جوهرها لا تعكس تعددية حزبية بقدر ما هي طبيعة وحقيقة البنية الاجتماعية والتركيبة الجيولوجية لذلك الكيان (التجمع )الذي هو أشبه ما يكون بتركيبة فسيفسائية، تجمع وتجميع لا مجتمع لجهة أننا أمام حالة تضم جماعات لا تنتمي إلى جذور تاريخية ولا ثقافية واحدة وإنما ثقافات ومجتمعات واثنيات مختلفة (فإسرائيل ) بؤرة استيطانية مركبة وليست دولة تشكلت بفعل تاريخي تراكمي وتفاعلي واليهود فيها هم تجمع من انتشار يهودي عالمي وليس كما يسمى خطأ شتات فالشتات هو الشتات الفلسطيني حيث طرد الفلسطينيون من ديارهم قسراً فتحولوا إلى شتات في دول العالم وضحية لمؤامرة قادتها ولازالت قوى كبرى.
وعند الحديث عن انتخابات سيشهدها الكيان قريباً ورهان البعض على نتائجها مع الأخذ في الاعتبار أن مقدماتها وموسيقاها التصويرية كانت المجازر التي ارتكبت بحق الشباب الفلسطيني المقاوم وجملة الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك وانتهاك الحرمات الاسلامية وغيرها حيث الواضح أن بازار تلك الانتخابات هو دماء الفلسطينيين وجثث الشباب وتهويد المزيد من الأرض فهي منافسة بين القاتل والأشد قتلاً وهذا يعكس طبيعة تلك التركيبة القائمة على القتل والعنف المنهجي المؤدلج ما يستدعي أن لا يقعن أحد في وهم الحسابات الخاطئة والرهان عليها وعلينا هنا بوصفنا أصحاب قضية أن نتذكر جيداً الحقائق التالية :
1- إن الذي يحكم (اسرائيل ) منذ قيامها واستزراعها وحتى الآن ليس الأحزاب السياسية عبر برامجها وسياساتها المعلنة وإنما العقيدة الصهيونية التي تجمع عليها كمحتوى ومضمون كل الأحزاب الإسرائيلية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حيث ترى في (إسرائيل ) أرض الميعاد وفق سردية دينية لا يمكن التخلي عنها.
2-إن الذي يقود ويتحكم بالأحزاب في إسرائيل هو المؤسسة العسكرية والأمنية إضافة للمؤسسات الدينية المتطرفة وكلاهما في التوجهات شيء واحد فالمؤسستان العسكرية والدينية هما ( المفرخة ) التي تخصب وتنتج وتقدم القيادات السياسية على مختلف مسمياتها وعناوينها السياسية.
3-إن الأحزاب الإسرائيلية بكافة مسمياتها وتوجهاتها السياسية والفكرية تلتقي عند ثوابت هي الأرض، التوسع، الاستيطان، التهويد، القدس الموحدة، الردع، الأمن.
والحال : إن قراءة متأنية لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تجعل القارئ يخلص إلى حقيقة أن ذلك الكيان العنصري الإحلالي الإرهابي كيان قائم على القتل والتوسع ومع ذلك يعاني من عقدة عدم الاعتراف بالوجود والخوف من العرب كشعب لاسيما بعد الفشل في تحويل التطبيع السياسي إلى تطبيع شعبي فشله في تطويع وكسر إرادة القوى الحية في أمتنا دولاً كسورية وقوى مقاومة، والدليل على ذلك ما جرى ويجري في غزة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948 وتمسك أهالي الجولان بهويتهم العربية السورية تماسك محور المقاومة وتوحيد ساحاته بشكل فعلي سواء داخل فلسطين أو خارجها والعمل حالياً على تكريس قاعدة أن أي اعتداء على أي طرف من أطراف المحور هو عدوان عليه يستوجب الرد من كل أطرافه وبوسائل وطرق مختلفة، وهنا تتكرس حقيقة أن هذا العدو الذي احتل واغتصب الأرض لم يستطع احتلال ومصادرة إرادة مقاومته وصولاً لهزيمته وإسقاطه بوصفه جزءاً من مشروع استعماري كولونيالي يستهدف المنطقة العربية كوجود حضاري وتاريخي راسخ الجذور.