وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، وفي ختام أعمال قمة الجزائر، جدد التأكيد على “أن سورية لديها من التاريخ والقدرات ما يجعلها تأتي بقيمة مضافة للعمل العربي المشترك، من شأنه أن يعزز الحلول السلمية للنزاعات في عالمنا العربي، وأن يعزز الموقف العربي لتحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط يشمل استرجاع الجولان المحتل”، وهو بذلك يعيد تذكير البعض العربي المنفصل عن الواقع، بأن سورية هي القلعة الحصينة، وحجر الأساس لتدعيم وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات، وأنه رغم الحرب الإرهابية التي لا زالت تتعرض لها، إلا أنها لا زالت قادرة على المواجهة والوقوف في وجه المشاريع والمخططات الصهيو- أميركية التي تستهدف الأمة العربية برمتها، وهذه الأمة لا يمكن أن يقوى عضدها من دون قلبها النابض.
سورية اختارت برغبتها عدم طرح مسألة عودتها لمقعدها في الجامعة العربية، لعل بعض العرب يراجع حساباته الخاطئة من جديد، ويمعن في قراءة المتغيرات الدولية الجديدة، كي يعيد تموضعه في الجانب الصحيح، فالغرب بقيادة الولايات المتحدة يدفع العالم للانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة، انطلاقاً من الحرب بأوكرانيا، ولن يكون العرب بمنأى عن تداعياتها، ما يجعل من توحيد صفوفهم ضرورة ملحة في هذه المرحلة لمواجهة التحديات المستقبلية التي تهدد الأمن العربي برمته.
ولكن رغم تعاظم تلك التحديات، فإن بعض العرب لا يفكرون سوى بمصالحهم الآنية الضيقة بمعزل عن مصلحة شعوبهم، وهذا يعود لارتباط معظمهم بأجندات غربية ترمي لإطالة أمد الحرب على سورية، ومنع الوصول إلى أي حل سياسي يتوافق مع تطلعات الشعب السوري، وربما إصرار البعض العربي على رفض عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، ومشاركتهم في حصار الشعب السوري تنفيذاً للرغبة الأميركية، يعطي المثال الأوضح على محاربتهم لفكرة لم الشمل العربي، وعلى موافقتهم الصريحة والمعلنة على إبقاء حالة التشرذم تعصف بالواقع العربي، بما يخدم المشروع الإسرائيلي والأميركي المعد لمنطقتنا العربية.
الجزائر أرادت لهذه القمة أن تكون للم الشمل العربي والتنسيق المشترك إزاء التحديات الراهنة، ولكن بعض الدول العربية اختارت أن يكون لها أجنداتها وأهدافها الخاصة المنفصلة عن وحدة السياق العربي ككل، وكل دولة منها تفكر بطريقتها وأسلوبها الخاص لتحقيق مصالحها الذاتية بمعزل عن المصلحة العربية الجامعة، وهذا يشير إلى أن العرب ما زال أمامهم طريق طويل للتفكير بعقلية واحدة، فهذا يحتاج إلى إرادة سياسية جادة وصادقة لم تنضج بعد.