الثورة – حلب – جهاد اصطيف:
يبدو أن مشكلة الخبز في حلب ستبقى عصية على الحل، حيث يصطف عدد كبير من المواطنين أمام المخابز للحصول على مخصصاتهم، كما هي محددة بالبطاقة الذكية، ولصعوبة الحصول على هذه المادة التي باتت أساسية للناس، نتج عن ذلك ظهور سوق موازية يتم فيها بيع ربطة الخبز بسعر أعلى من السعر الرسمي بأضعاف مضاعفة، وفي ظل استمرار المشكلة على مدار اليوم، والتي عادة ما يتخللها احتكاكات بين المواطنين تؤدي إلى مناوشات ومناكفات أكثرها بين النسوة والأولاد، تتدخل على أثرها «دوريات الشرطة» إلى فضها.
لف ودوران
قال أبو صبري- موظف متقاعد، ننتظر أحياناً ساعتين أو أكثر ونعود بلا خبز ونكمل مشوارنا باللف والدوران من مخبز لآخر، علنا نحظى بربطة الخبز «الميمونة»، لأننا ببساطة غير قادرين على شراء ربطة الخبز بثلاثة آلاف ليرة من السوق الموازية، فهذا يعني أن الراتب الذي أتقاضاه لا يكفيني ثمناً للخبز فقط!
المواطن أبو جميل- كان ينتظر مع غيره من المواطنين خارج مخبز تشرين في حي الحمدانية بحلب قبل يومين، يقول: إن الخبز متوافر في السوق السوداء ولكن بأربعة أو خمسة أضعاف السعر الرسمي.
وتابع قائلاً: أنا شخصياً أستطيع الحصول على مخصصاتي من أي مخبز كان، لكن غيري هل يستطيع الحصول عليها؟ فكم من الساعات يقضيها أمام المخبز؟ مضيفاً بأن المواطن يحتاج يومياً لحجز ثلاث ساعات من وقته على حساب عمله ليحصل على الخبز، هذا هو الحال لدينا للأسف الشديد.
يتكرر يومياً
مواطنة أخرى كانت في المكان وغادرت من دون الحصول على الخبز بعد انتظار دام أكثر من ساعة من غير أن يؤكد لها أحد من العاملين هناك أن المخبز لن يبيع مباشرة للناس كما قالت، وتضيف: أصبح الحصول على ربطة الخبز أمراً مزعجاً يومياً، ومع ذلك نرضخ للأمر الواقع ونأتي للمخبز بالرغم من كل المعاناة لنفاجأ أن مخبز تشرين توقف عن البيع المباشر للمواطنين، وكما علمنا أن جميع مخصصاته ستذهب للمعتمدين، في حين كان يتبع آلية مناسبة، سواء للناس أم المعتمدين.
وأضافت: هناك الكثير من الناس لا تحبذ التعامل مع المعتمدين لأن غالبيتهم مزاجيون وغير صادقين في تعاملهم مع الناس، عدا تقاضيهم أجوراً مضاعفة عن سعر الربطة النظامي، وأردفت تقول: صحيح أننا كنا نعاني، إلا أن معاناتنا الآن ستكون مضاعفة، بسبب إيقاف التوزيع المباشر من مخبز تشرين بالحمدانية، لأننا سنضطر للبحث في أماكن بعيدة عن مخبز يمكن أن نحصل منه على حصتنا من الخبز، علماً بأن المخبز بشكل أساس كان يخدم أكبر حيين بحلب هما الحمدانية وصلاح الدين.
مدير المخابز: بلا معاناة
مدير فرع المخابز المهندس جميل شعشاعة أوضح أن الازدحام يكون على مخابز معينة، وخاصة الموجودة في مركز المدينة، لافتاً إلى أن العمل يجري بصورة مستمرة على تأمين مادة الخبز للمواطن من دون معاناة عبر إصلاح خطوط الإنتاج القديمة وافتتاح خطوط جديدة ضمن المخابز سواء في المدينة أم الريف، إضافة إلى السيارات الجوالة والأكشاك.
ونفى شعشاعة إغلاق مخبز تشرين أمام المواطنين، إلا أن الذي اعتمد مؤخراً بخصوص توزيع الخبز مباشرة للمواطنين سيكون اعتباراً من الساعة السابعة صباحاً وحتى انتهاء كمية الإنتاج اليومية، مشدداً على أن المخابز العامة في حلب لا ترتكب مخالفات بخصوص التلاعب بأوزان الخبز والمتاجرة بهذه المادة الأساسية، باستثناء نوعية الخبز، وهذا مرده إلى خطوط الإنتاج القديمة، فمن حق المواطن الحصول على رغيف جيد.
وأشار شعشاعة إلى أن أغلب التجاوزات سببها المعتمدون، ومسؤولية ضبطهم تقع على عاتق التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب، والأمر ذاته ينطبق على مسألة بيع الخبز على الطرقات، علماً أن بعض المواطنين قد يسهمون في انتشار هذه الظاهرة عبر استخدام أكثر من بطاقة وبيع المخصصات بسعر مرتفع، مشيراً إلى التعاون مع مديريات التجارة الداخلية والجهات الأخرى المعنية من أجل منع المتاجرة برغيف الخبز ومحاسبة المعتمدين المخالفين وقمع أي تجاوزات بهذا الخصوص.
العنوان الأبرز
إذاً هذا هو المشهد باختصار أمام مخابزنا، فلساعات طويلة يقضيها المواطن بحثاً عن رغيف، ويعطل البعض أشغالهم للحصول على ربطة الخبز، لتتفاقم المشكلة، في حين يتواجد الخبز بكثرة على الطرقات وقتما تشاء.