الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
ألوان بلون الحلم تطير بك لتدخلك عوالمها الحالمة، الثائرة على الواقع بعاداته وتقاليده، إنها الفنانة التشكيلية “إيمان الحسن” في معرضها الرابع الذي أقيم في الكنيسة الإنجيلية المشيخية بحمص مكتبة روبرت سكاف بعنوان “كانت وأخواتها” وهو المعرض الثاني لها في مدينة حمص، بعد معرضها في طرطوس وفي دمشق.
ضم المعرض 21 لوحة حيث اختصت بالنحت في قلعة دمشق وتمرست في الرسم في المركز الاستشاري الدنماركي في لبنان، وقد استوحت عنوان معرضها من إحدى لوحاتها، أبرزت هموم المرأة وشجونها في المعرض، فكما ترى الفنانة الحسن المرأة آلهة الحب والخصوبة، والأم والوطن هي كل المعاني الجميلة، فترى المرأة القوية في لوحاتها القادرة على النهوض بعد كل انكسار أو سقوط، وجسدت كل لوحة حالة بحد ذاتها، تختلف عن رفيقاتها، ولكنهن يشتركن بنفس المصير كما هو الواقع، المتمثل بنظرة النقص للمرأة، وعدم قدرتها الحصول على حقوقها سواء بالحب أو الحرية، فتجسد حزن وانكسار المرأة في تعابير إحدى اللوحات، ونلاحظ محاولات الفنانة لإخفاء العين، لتثبت أنه بتصاعد الحالة الروحانية تصبح الحاسة السادسة لديها أشد، وتزداد قوة بصيرتها، تستلهم الحسن العديد من لوحاتها من قصائد خالدة كقصيدة “الغنى يمحو المحن” من روحانيات جبران خليل جبران فنرى الناي ناطقاً بيد أنثى قد أغمضت عينيها بشال أبيض ليطغى اللون الأزرق بسحره وجاذبيته على اللوحة، ولوحة المدينة الفاضلة التي يبحث عنها الجميع المأخوذة عن نازك الملائكة، وفي لوحة أخرى مأخوذة عن الحرملك، فنرى الرجل ممدداً بكل غرور على سريره متنعماً بتعب أنثاه وإذلالها.
خلال جولتنا في المعرض التقينا مع مدرس النحت في معهد الرسم الفنان التشكيلي “رزق الله حلاق” الذي أشاد بالمعرض قائلاً: معرض جدير بالحضور والمتابعة، فكل لوحة من لوحاته هو تجربة مأخوذة من الواقع الاجتماعي، فجسدت المرأة بكافة حالاتها وتفاصيلها، لتلمس في لوحاتها أنها تعمل في جو من الشاعرية وطرح العديد من مشاكل الأنثى، والولوج لعوالمها الداخلية بما تتضمنه من أحاسيس أنثوية بطريقة مبتكرة، ونرى أنها قامت باختيار الألوان التي تعبر عن إحساسها الذي يختلف في كل لوحة عن أخرى، لتقنعنا بكل ما تطرحه.
ولما لمكتبة روبرت سكاف من دور فاعل في تنشيط الحركة الثقافية التقينا مع مدير المكتبة “كفاح طانيوس” الذي قال: رغبة منا بإنعاش حمص القديمة، لنأخذ من روحانياتها فهي حي تراثي ثقافي سياحي، توسعنا في مجال الثقافة، قمنا بأسابيع ثقافية منذ عام 2018، ثم دخلنا بمجال المعارض فكان المعرض الأول مع مجموعة من الشبيبة من رحم الأزمة، فنجح المعرض وكان الإقبال أكثر من جيد، وأطلقنا فقط على المعارض اسم “لمسات سورية” وقمنا بترقيمها من الواحد لنصل الآن مع هذا المعرض إلى “لمسات سورية للموسم الخامس”، وأقوم بوضع خطة سنوية ثقافية وآخر نشاط لكل عام يكون أمسية ميلادية في الكنيسة حيث لدينا فرقة فنية “نينار” أعضاؤها أطباء ومهندسون ولدت الفرقة من رحم الأزمة، وعملنا مع الكثير من الفنانين ومع فرع حمص لنقابة الفنانين التشكيلين، وأخيراً أحببنا أن نخرج خارج المحافظة قليلاً بعيداً عن النمطية والتكرار فاستضفنا الفنانة إيمان الحسن..
وأخيراً تميز المعرض بطابعه الرومانسي الشاعري السريالي مع حضور بعض اللوحات التعبيرية، بألوان زيتية وأكرليك، وبرغم ما تحمله الحسن من ثورة وغضب على المجتمع الذكوري بأبعاده، إلا أن المعرض حمل ألوان التفاؤل والأمل فكانت المرأة في لوحاتها هي الزهرة لتدل على شفافية المرأة.