باشرت مجالس الإدارة المحلية الجديدة مهامها على امتداد ساحة الوطن، وبدأنا نقرأ في وسائل الإعلام وعلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ما يطرح في جلساتها من موضوعات وقضايا مختلفة تهم المواطنين، وفي الوقت نفسه بدأنا نسمع من مواطنين كثر كلاماً يعكس تساؤلات عن الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه المجالس ضمن قطاع كل منها، حيث إن السؤال الذي يراود ذهن كل مواطن تقريباً هو: هل سيكون أداء هذه المجالس مختلفاً عن السابق وبما يجعلها صاحبة القرار في كل مايخص القطاع الجغرافي لكل منها ويؤدي شيئاً فشيئاً لإعادة ثقة الناس بالإدارة المحلية التي أعطاها القانون رقم 107 لعام 2011 صلاحيات واسعة دون أن يطبّق إلا الجزء اليسير منها لأسباب مختلفة؟
بصراحة.. المعطيات الأولية التي وصلتنا حتى الآن لا تصل إلى ما يأمله المواطن منها، فالكثير من الأعضاء لم يخرجوا في طروحاتهم عن عقلية من سبقوهم لجهة الدوران في دائرة المطالبة من الجهات الأعلى والاتكالية على الغير بعيداً عن اتخاذ الاقتراح المناسب أو القرار اللازم أوالمبادرة المطلوبة من قبلهم، وفق مايحقق مصلحة ناخبيهم والمصلحة العامة، ولا يتعارض مع نص وروح القانون النافذ، ونسبة غير قليلة منهم أعطت مؤشرات واضحة منذ الجلسات الأولى عن عدم التزامها بالحضور وعدم جديتها بالطرح ولاسيما بالنسبة للذين كان هدفهم الوصول لعضوية المكاتب التنفيذية لهذه المجالس ولم يصلوا.
ما تقدم ذكرني بردود فعل وزير الإدارة المحلية والبيئة خلال لقائه مع بعض المجالس في محافظة طرطوس عند زيارة قام بها للمحافظة بداية اجتماعات المجالس التي انتخبت في أيلول ٢٠١٨، حيث لم يخف امتعاضه وانزعاجه من معظم طروحات الأعضاء الذين استمع إليهم، ولم يتردد في القول لهم داخل اجتماعات مجالسهم بحضور ممثلي وسائل الإعلام: “من غير المسموح أن تكون الوحدات الإدارية الجديدة بالعقلية السابقة التي اتسمت بالاتكالية والمطالبة إنما عليها أن تعمل بعقلية تثبت من خلالها للمواطن أنها صاحبة قرار في اجتماعاتها وصاحبة فعل في أدائها على أرض الواقع، فالقرار لها ولا يحق للمحافظ أو الوزير أو غيرهما اتخاذ أي قرار يخص هذه الوحدة الإدارية أو تلك إلا بناء على اقتراح يصدر عن مجلسها المنتخب باستثاء بعض الحالات التي نص عليها القانون”.
في ضوء ذلك وغيره على مجالس الإدارة المحلية الجديدة أن تثبت للناس أنها خير ممثل لهم وخير وأفضل من يحقق مصالحهم ومصلحة الوطن، من خلال توافق أعضاء كل مجلس على المصلحة العامة وابتعادهم عن المصالح الشخصية والخلافات الناجمة عنها، ومن خلال عملها في تحسين واقع النظافة والخدمات العامة واستثمار أملاكها وتنمية مجتمعها والإكثار من مبادراتها الاجتماعية والثقافية والرياضية والتطوعية والحوارية، وإلا فسوف تنعكس الأمور سلباً عليها وعلى المواطنين وعلى هذه (التجربة) المهمة التي مازال ينقصها الكثير الكثير لتثبت أنها إدارة حقيقية ومنتجة.