الثورة – رويدة سليمان:
من الطفولة إلى المراهقة.. نمو سريع من حيث الشكل والعقل بحيث يصعب على المراهق معرفة مايحدث له.. فجسمه أصبح مجموعة أعضاء متباينة يصعب السيطرة عليها، وأنفه الذي كان متلائماً مع تقاسيم وجهه غدا ضخماً، وثقته بنفسه التي كان يتحلى بها انقلبت إلى ضعف ومعاناة يملؤها التردد والخجل، وأكثر غموضاً وشغباً وتمسكاً برأيه، وأقل تأثراً بالعائلة.
هذه بعض الصفات الجسدية والنفسية التي تؤكدها حقائق تربوية لهذه المرحلة العمرية، أما عن آراء أصحابها والذين يفضلون مناداتهم بالشباب لما تحمله كلمة مراهق من مضامين سلبية في ذهن الأغلبية، ونادراً ما يذكرون عنها أشياء إيجابية، فهم يرون في أنفسهم أنهم أقدر على تحمل المسؤولية، ولديهم الرغبة لاكتشاف الحياة والتعلم وخوض التجارب وطموحاتهم كبيرة، وما قد يتصفون به من صفات سلبية سببها خلل العلاقة مع الكبار، ولاسيما الآباء، وعدم تفهمهم لحاجاتهم ورغباتهم لتحقيق ذاتهم، ما يدفعهم إلى تصرفات وسلوكيات تحكمها أهواؤهم، وحديث المراهق مع أهله ربما لايلقى استحساناً وقبولاً.. فهو برأي الآباء إما طويل أوعالي النبرة أو غير مسؤول، إضافة إلى جملة من الأوامر والنواهي يلقونها على مسامعه تتعلق بتدخلهم بلباسه واختيار أصدقائه، ونقد سلبي على كل حركة وتصرف (كتعليقهم المستمر على وقوف أبنائهم أمام المرآة طويلاً) أو وصفهم بالأغبياء الذين لايعرفون مايريدون، وعن الأصدقاء قالوا: هؤلاء الشباب.. هم مصدر راحتنا وسعادتنا.
لعله خلل واضح في علاقة أو فهم الآباء لمرحلة المراهقة تتسبب بكثير من المشكلات من ناحية.
– كيف تضبط الأسرة إيقاعات التغيير عندهم؟ وكيف نخفف من انفعالاتهم؟.
الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان في ورشات تدريبية وتشاورية عن المراهقين يؤكد الاختصاصيّون في توصياتها أن حل مشكلات المراهقين تتطلب مد يد العون لهم ليتمكنوا من فهم ذواتهم، وتقبل الواقع، والتكيف الصحيح كي لايتكوّن جيل مغترب غريب عما يجري في نفسه فلا يفهمها ولايدرك مايدور حوله، ويكون ذلك من خلال إسناد عدة مهام من الأبوين تشعر المراهق بالمسؤولية مع الإشراف والمراقبة الدائمة، وبالتالي تركهم يجربون ليتعلموا فلاتكون أخطاؤهم حجر عثرة بل سلماً للنجاح.
الخبراء يؤكدون على وجوب تسلح الأهل بالخبرة والوعي للتعامل مع هذه المرحلة العمرية بالحوار وتقديم المبررات المنطقية لرفض سلوكهم والابتعاد عن التهديد والترهيب والنقد اللاذع وخصوصاً أمام الآخرين، وعلى الآباء في زحمة انشغالاتهم الحياتية خلق الوقت النوعي للإصغاء إليهم بدل أن يأمروهم بالتزام الصمت واتهامهم بالغباء أوإملاء مايجب عليهم فعله.
إن عدم تلبية حاجات المراهقين تعرضهم لظهور خلل في شخصياتهم فتنشأ لديهم ردود فعل غالباً ما تتمثل باستخدامهم لألفاظ بذيئة وسلوكيات سيئة كما يمكن أن يصبحوا في بعض الأحيان خجولين بشكل واضح.
ومن أهم التوصيات هي الاهتمام بمرافق التسلية وخاصة في الأرياف لأن ملء أوقات فراغهم بما يمتع ويفيد يساهم في تجديد طاقتهم، وتنشيطهم ويتيح لهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم من خلال الفنون وتعميق الفهم للأشياء والإحساس بالجمال.
