ميساء العلي:
اعتباراً من يوم الخميس الأول من شهر كانون الأول ستبدأ وزارة المالية عبر الهيئة العامة للضرائب والرسوم بتطبيق منظومة الربط الالكتروني الذي ما زال يثير الكثير من التساؤلات والخوف لجهة النجاح بتطبيقه رغم طمأنة وزارة المالية التي تؤكد أن هذا الربط سيكون في مصلحة الجميع.
وبحسب القرار رقم 994 الصادر عن الهيئة العامة للضرائب والرسوم فإن الأنشطة المكلفة بالربط الالكتروني هي المنشآت الصناعية في الشيخ نجار وحسياء وعدرا والمنشآت الصناعية بقسمي كبار ومتوسطي المكلفين بمديريات المالية في محافظات دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس وحماة والمكلفين الذين تنطبق عليهم معايير التسجيل لكبار ومتوسطي المكلفين في بقية المحافظات، إضافة إلى المشافي الخاصة ومستودعات الأدوية وشركات التجهيزات الطبية المحددة، والمخلصين الجمركيين، وتجار الاستيراد والتصدير وتجار الجملة، ومدققي الحسابات ومكاتب وشركات الاستشارات المالية والمحاسبية والضريبية بمديريات المالية كلها في المحافظات، ومكاتب شحن البضائع الخارجية والداخلية، وبعد فترة ستتوسع الدائرة أكثر فأكثر ليزداد بذلك حصة المالية من النفقات والمشتريات من دون عناء.
وزارة المالية عملت خلال الفترة الماضية على شرح أهمية هذه المنظومة للجهات التي ستلزمها بالربط الالكتروني من خلال الزيارات المكوكية لتلك الجهات في عدد من المحافظات، فهل استطاعت الوزارة وهيئتها العامة للضرائب والرسوم في إقناع الجهات المستهدفة من عملية الربط الإلكتروني، وخلق حالة ثقة متبادلة بين المكلف والدوائر المالية؟ الإجابة عن تلك التساؤلات قد تترجمها الأيام القادمة مع انطلاق عملية التطبيق.
بالاتجاه الصحيح
مدير عام هيئة الضرائب والرسوم منذر ونوس قال في حديث خاص لـ»الثورة»: لا يوجد أي جهة من الجهات المشملة بعملية الربط الإلكتروني أعلنت عدم رغبتها بالربط، وهذا دليل على تفهم الجميع لهذه الخطوة التي ستعود بالنفع والفائدة على الطرفين، وستحقق عدالة ضريبية مع المكلفين، وإبعاد العامل البشري والحد من التهرب الضريبي، معتبراً أن برنامج الربط الالكتروني خطوة باتجاه إصلاح النظام الضريبي والانتقال لاحقاً إلى الضريبة على الدخل والضريبة على المبيعات.
وأضاف ونوس أن القرار سيطبق بشكل كامل وستكون هناك خطوات لاحقة تعمل عليها الهيئة حالياً للربط الإلكتروني من خلال تطوير بعض البرمجيات للربط لاحقاً مع الجامعات والمدارس الخاصة.
بعض الصعوبات
ونوس بدد من مخاوف بعض التجار من الربط الالكتروني، مبيناً أن القرار اتُّخذ ولا يمكن التراجع عنه، وتجربة المنشآت السياحية خير دليل على نجاح هذا التطبيق الذي لاقى حينها بعض الاعتراض والتخوف.
ولم ينفِ ونوس وجود بعض الصعوبات في البداية لكن ستتمكن الهيئة العامة للضرائب والرسوم من تجاوزها بعد التطبيق كما فعلنا مع أصحاب المنشآت السياحية.
وقال ونوس: إن الربط الالكتروني لن يكون له مفعول رجعي لسنوات سابقة بالتكليف الضريبي بعد أن أنهت الدوائر المالية مسألة التراكم الضريبي.
49 برنامجاً
وأشار ونوس إلى أن منظومة الربط الإلكتروني تضم 49 برنامجاً جاهزاً للربط على الأجهزة الذكية، وعليه فإن على جميع المكلفين حالياً إدخال مبيعاتهم إلى المنظومة، ومن يرغب منهم بإدخال مشترياته وباقي النفقات لاحقاً سيتم فتح نافذة له لتسجيل جميع نفقاته كتاجر.
ولفت إلى أن تطبيق منظومة الربط الالكتروني ستمكن الهيئة بعد إدخال النفقات والمشتريات إليها الحد من اقتصاد الظل والوصول إلى جميع المبيعات المحققة إن كانت مواد أولية أو منتجاً نهائياً، وبالتالي تحصيل المالية لإيراداتها.
بنية تحتية ضعيفة
الباحث الاقتصادي الدكتور شفيق عربش قال في حديث لـ»الثورة»: إن البنية التحتية لتطبيق منظومة الربط الالكتروني ضعيفة جداً، ولكن إذا تم تأمين البنية التحتية سيكون الأمر خطوة جيدة لمحاربة التهرب الضريبي، مشيراً إلى عملية الربط الالكتروني وقبل أي شيء ستخلصنا من موضوع إمساك الدفاتر المحاسبية للمالية أو الشريك أي «الدفاتر الفعلية والوهمية «.
وتساءل عربش: هل يمكن للربط الالكتروني أن ينجح في كل القطاعات إذا لم يكن هناك نظام فوترة قائم بشكل سليم، خاصة أن لدينا حلقة ناقصة بين بائع الجملة والمفرق ونصف الجملة نتيجة غياب نظام الفوترة، فالكثير من الفواتير لا تحمل أي اسم للمنشأة التي باعت، وبالتالي سيكون هناك مجال للتهرب، وسنبقى بالدوامة نفسها، وعليه فإن عملية الربط الالكتروني لن تحقق هدفها الأول لجهة الحد من التهرب الضريبي، واكتشاف مطارح ضريبية كانت منسية.
غياب الفوترة
ولفت عربش إلى أن تجربة الربط الإلكتروني التي بدأت وكخطوة أولى مع المنشآت السياحة «المطاعم» شهدت التزاماً واضحاً بالفاتورة الإلكترونية رغم الاعتراضات التي سمعنا عنها مع بداية التطبيق، لكن هل هذا الأمر قابل للتطبيق على كل الفعاليات في سورية، خاصة وأن وزارة المالية وفق قرارها حددت عدداً من المحافظات، وبالتالي سينتفي معه موضوع العدالة الضريبية «لجهة تحقيقيه وتعميمه على جميع المحافظات لا البعض منها دون أخرى» التي تسعى إليه.
وختم عربش كلامه بالقول على الرغم من كل ذلك فإن الربط الإلكتروني خطوة مهمة بالاتجاه الصحيح، لكنها تحتاج في المقام الأول إلى شبكة أنترنت قوية وكهرباء وبنية تحتية كاملة ومتكاملة، ونحن حالياً نعاني من انقطاع بالتيار الكهربائي لعشرات الساعات، فكيف سنفعل عملية الربط الإلكتروني ونشحن تلك الأجهزة التي ستربط تلك الجهات مع المنظومة.
أخيراً..
فإن عملية الربط الإلكتروني ستبقى خطوة ناقصة، لا يمكن أن تكتمل وتحقق هدفها من دون الوصول إلى مشروع إصلاح ضريبي متكامل، رغم كلّ الأهمية التي تتحدث عنها وزارة المالية بشأن منظومة الربط الإلكتروني الموجود في كل دول العالم للوصول إلى العدالة الضريبية الصحيحة.