الملحق الثقافي- رجاء شعبان:
«إلى أم طلال ووالدة كل شهيد»
أنا كاذبة يا أم طلال…
لن يبقى إلا دموعك… ودعواتك… وهذا البرد اللعين
سيقتلك الظلام الذي طالما قتلتِيه ببهجة نشاطك وحركة تفاؤلك
أيتها النحلة..
الحياة لا تترك النحلات ليرتحن أبداً.. هنّ خُلقنا للبحث.. والعمل.. والعطاء…
والرحيل إلى البعيد لأجل العسل
آهِ ودموعك التي أغرقت عيونك وفاضت على شطّ خدودك التي يتلفها الزمن
أنت ياعزف الربابة… تنحلك الحياة وترميكِ سنبلة ملأى بالإنحناء
يا طلّ العمر الحزين بقلبي….
لو يرفق بك الزمن…
لكنه نهم جسور…. لا يأبه للطيّبين.. هم لقمةٌ سائغة بفمه الواسع الوسيع وسع الألم
يا رقصة الوجع بذاكرتي للدرب المتحرك بأصابعك…
أصابع العروس حين تحتفل بعرسها العمر من دون عريس…
….
أم طلال…. ألا يهزأ من ذاته الوجع وهو يتغاوى أمامك كإبليس اللعين….
لن أكفر يا حبيبة الموّال بالإيمان.. لأجل عينيك الغضّتين كوردة عند الصباح قبّلها الطلّ..
فانحنت ساجدة لخالقٍ تشعره ولا تراه
تناجيه بالعمق من دون نداء:
أنا شجرة الصفصاف…. أنا زهرة الزيزفون…. أنا الأم الحنون
التي تودّع أولادها من دون ذنب إلّا الحنان….!
…..
أنا يا وادي الموت حوريّتك المنبثقة من مياهك الآسنة..
وردة آسٍ بيضاء
أنا الطلّ وأمه… والشرف وأباه
وآدم وحزنه… ونايه على حوائه
أنا ضياع حواء في ترّهات آدم..
كنت في زمن احتوى…
واستوى على الجرح عمري القادم بالدموع….
وبحرقة الفؤاد انكوى
أنا عصا الجنون أضربه بها….
أنا الرزانة تشدّني ولكنّي لهفتُ لعالمٍ ليس فيه وجع العقل….
بل طهارة الجنون
أنا الصرخة والموّال في رواية رجاء
رواية «لاعشق بعدك» …
لكن هذه المرة سطوري لاعشق بعدك يا ألم…. وليس ياكتاب.. ياقلم
سئمتُ الأساطير…. سئمتُ الكتب… سئمت العمر
سئمت المقادير….
فتعال إلى يا مسّاً أصابني باليقظة…. تعال…. أسكنّي في غياهب النسيان…
فقد تعب يوسف من بؤس الغدر وخيانة الحياة.
…
سأحبّ الرصاص بعد أن عزف لك وأكل من لحمك البارود..
سأستبدله من قصف الريحان… سأحب الحروب لأجلك ياولدي… أخذتك الحروب… التهمتك وقبّلتك وهضمتك بالوقت الذي خجلتُ حتى تقبيلك وهصرك كيلا بحضني تتوه..
أنا ياولدي لم أعد أميز العدو….
مَن حبيبي ومن عدوّي…
أعدوّي الذي أخذك منّي…
وعدوي الآخر الموت الذي انتشلك عنّي…
مَن عدوّي ياولدي قُلْ….
أأنت الذي طعنْتني بالرحيل ياحبيبي يمسيك الموت عدوّي…
فلا أفرح بعدك ولا أهنأ…
أأنت الذي فرحتُ بك بالحياة… أتراني أذوب كالشمع مع انطفاء عينيك عنّي…
أأنا الشمعة وأنت الفتيل….
انطفأنا ياحبيبي….
لنشتعل هناك في تلك الزاوية المنزوية في الظلام عن العيون
… .
أنا لا أحب شيء…
لم أعد أحبّ شيء…
سأجترّ الأشياء من دون طعم… وربما لا أشعر إلا بالعلقم…
ماذا فعلت ياولدي لأُكافَئ وأُهان بك….
وماذا فعلتَ من جميل ليأخذك الله إليه عنّي!
العدد 1122 – 29-11-2022