الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت مجدداً قراراً بأغلبية الدول الأعضاء يطالب كيان الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهذا يعكس حرص الدول التي صوتت لصالح القرار على الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ولكن المشكلة تكمن دائماً في التطبيق العملي على أرض الواقع، ما يعكس عجز مجلس الأمن الدولي عن إلزام الكيان الإسرائيلي بتنفيذ قراراته السابقة بهذا الشأن.
الولايات المتحدة وأتباعها في الغرب يتحملون المسؤولية الأكبر في عدم اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء حازم يلزم العدو الصهيوني بالانسحاب من الأراضي التي يحتلها بالقوة، وإنما تعمد واشنطن وحلفاؤها التستر على جرائمه، وإعطائه الضوء الأخضر لمواصلة انتهاكاته، واستكمال مخططاته التهويدية لتكريس احتلاله للجولان، وفرضه كأمر واقع، ولاحقاً محاولة العمل على نزع اعتراف دولي بشرعنة هذا الاحتلال، باعتباره يشكل قاعدة إرهاب متقدمة للغرب في المنطقة، فخلال مراحل الحرب الإرهابية لم تترك الولايات المتحدة وأتباعها، وسيلة إجرامية إلا واستخدمتها في سياق استهداف الدولة السورية بغرض إضعافها وتقسيمها بما يخدم المشروع الصهيو- أميركي لفرض واقع جديد على الخارطة الجغرافية والسياسية للمنطقة ككل.
من خلال الدعم الأميركي والغربي، تعمد حكومة العدو الصهيوني إلى استغلال الأوضاع الراهنة لتكريس احتلالها للجولان السوري، وتصعد من محاولاتها الهادفة لفرض قوانينها وولايتها على أهلنا الصامدين هناك، توازيا مع تصاعد وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي الزراعية ومصادر المياه في أنحاء الجولان، وهذا يوضح أبعاد الحرب الإرهابية التي تقودها الولايات المتحدة، والهادفة إلى تمكين المحتل الصهيوني من التمدد في طول المنطقة وعرضها، وفق ما هو مخطط أميركياً وصهيونياً.
في المقابل، فإن ممارسات الكيان الصهيوني، وإجراءاته العدوانية المتسارعة على الأرض تكشف أيضاً مدى تواطؤ الأمم المتحدة، وتماهيها مع الأجندات الأميركية والصهيونية، فهي حتى الآن لم تتخذ أي خطوات رادعة لوقف حملات الاستيطان في الجولان، وكذلك لم تتخذ أي إجراء حازم يضع حداً لانتهاكات وممارسات الاحتلال، ولحملات القمع والاضطهاد والتمييز العنصري بحق أهلنا هناك، الأمر الذي يقوض مصداقيتها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
مهما أوغلت حكومة الاحتلال بممارساتها الإجرامية، ومهما تمادت الإدارات الأميركية المتعاقبة بدعمها، فإن الجولان سيعود عاجلاً وليس آجلاً، بكل الوسائل المشروعة التي يكفلها القانون الدولي، وسورية لن تتوانى عن بذل الغالي والنفيس من أجل تحرير كل شبر منه، وحقّها باسترجاعه أبدي، لن يخضع للمساومة أو التنازل، ولا يسقط بالتقادم.