ليس المقصود هنا -بكل تأكيد- المواطن صاحب الدفعة الأولى من مادة مازوت التدفئة “50 ليتراً”، ولا حتى الذي مازال ينتظر دوره للتعبئة من العام الماضي، ولا الذي حالفه الحظ في الحصول على أسطوانة غاز بعد 120 يوماً من الانتظار، ولا الذي تمكن من تزويد سيارته بمادة البنزين “المدعوم” بعد طول ترقب، ولا من استطاع التشبيك من أحد أقربائه أو معارفه أو أصدقائه لتأمين “توصيلة” إلى مقر عمله أو …، ولا الذي ما زال يمني النفس -منذ أشهر وأشهر- بانخفاض ولو طفيف بالأسعار، أو المترقب لأي تحسن يمكن تسجيله على مؤشر التغذية لا القطع الكهربائي.
المقصود هنا وبكل تأكيد أصحاب التصريحات في بعض مؤسساتنا المكلفون بإدارة لا بتعقيد الملفات الخدمية والمعيشية للمواطن، الذين يرفضون كل ما له علاقة أو صلة بأنصاف الحلول الحقيقية -الدقيقة-الواقعية-الصريحة، ويتمسكون برؤيتهم القائمة إما على الصمت المطبق الخانق، وترك المواطن فريسة سهلة ولقمة سائغة للمواقع الإلكترونية الصفراء، والصفحات الفيبسبوكية السوداء وسمومهم، أو الخروج علينا “في الوقت ما بعد الضائع” بجمل وعبارات وكلمات منمقة ومجملة تزيد من دهشة المواطن دهشة.
المقصود هنا، وبكل تأكيد هم الذين لا يعرفون أو الذين لا يريدون أن يعترفوا أن كلمة سر نجاحنا وصمودنا وانتصارنا هي “المواطن” الباحث بالسراج والفتيل خلال التعاطي معه عن المصداقية والجرأة والشفافية والشجاعة وتحمل المسؤوليات، ممن يفترض أنهم من أصحاب الخبرة والاختصاص لا بما ستؤول إليه نتائج مباريات دور الـ16 أو الـ 8 أو ربع أو نصف نهائي مونديال كأس العالم لكرة القدم، وإنما بكل شاردة أو واردة تتصل بصلة لا تقبل التجزئة بحياته اليومية وهمومه الخدمية وأحواله المعيشية وهناته الاقتصادية، بعيداً عن الجمل والعبارات الإعلامية -الدعائية غير الكفيلة بتأمين ربطة من الخبر أو ليتر من المازوت أو أسطوانة من الغاز ..
المطلوب هنا، ترشيد التصريحات التي تؤخر ولا تقدم .. ترشيد التوقعات والتكهنات .. ترشيد المعلومات المتضاربة .. ترشيد الوعود العائمة .. ترشيد الإطلالات..