عندما كنا في بداية المراهقة واليفاعة كانت تغرينا الروايات التي تدور أحداثها حول قصص الحب، ونختار منها الجمل التي تناسب الرسائل التي كثيراً ما نسخناها بواسطة الورق الكربون لنوجهها لأكثر من فتاة، والتي تستجيب أو ترد هي المطلوبة، إنه الحرمان العاطفي أو قل (غرور المراهقة).
أما الذين كانوا لايقرؤون الروايات فلديهم بنك تعابير ومصطلحات جاهزة يتم تداولها مثل…كتبت بالرصاص لتدوم المحبة والإخلاص، وكتبت بالمقلوب لتبقى المحبة في القلوب..وإذا أردنا الديمومة نكتب: كتبت على زهر الرمان لتبقى كل الزمان..
واليوم مع تطور كل شيء مازالت الجدران الواسعة تشكل لوحة يمكن قراءة الكثير من العبارات الغزلية المتوجة بمعادلات الحروف الأجنبية..
أمس كنت وحفيدي حيدر نمارس لعبة البائع إذ أحمله على ظهري وننادي:(يلا بطاطا..تفاح…اللي عنده خبز يابس.. إلخ) فجأة عأنقني بقوة وقال لي: أحبك…سألته: كم تحبني؟ ببراءة الأطفال قال: (ساعة ونص) ..سرني الجواب تماماً فترة زمنية مقبولة، وسرح الخيال بمقارنة واقعية..الكهرباء تحب بعض المناطق كل أربع أو خمس ساعات لساعة ونصف الساعة..وفي أماكن أخرى تزداد المحبة ولا تنقص، يعني لديها مشاعر ميالة وأكثر عمقاً نحو مناطق أكثر من أخرى..
نحن في ضاحية ٨ آذار وعموماً مناطق الريف تحبنا كل ٥ ساعات لدقائق لمعة وتنطفئ ومن باب لطفها وحرصها على مشاعرنا ترسلها أول الفترة دقيقتين ثم تقطعها إلى ما قبل نهاية نصف أو ربع الساعة ثم يتم وصلها على أساس أنهم فعلاً قاموا بما عليهم..
نعرف من دون شك أنها غير قادرة على محبتنا كما لو أننا في دمشق، ولكن ماذا لو حاولت أن تزيد المدة لتكون ساعة؟..
أقانيم الطاقة التي يجب أن يتوفر واحد منها:( غاز،مازوت، بنزين، كهرباء) كلها لا تحبنا نحن الفقراء…نريد واحداً منها ولو لساعة ونصف الساعة كل ست ساعات، وهذا ترف سنكون شاكرين لمن يحبنا كهربائياً لهذه الفترة..الكثير من أشواقنا لمحبة الحكومة لنا تزداد اتقاداً مع شتاء قارس..وكم نتوق ونتوق ألا يفاجئ الشتاء في العام القادم حكومتنا كما فاجأها هذا العام،وربما نرسل برقيات تذكر الشتاء أن يخبر من يهمهم الأمر قبل قدومه، وأن يكونوا كما حكومات الميزر…هل تعرفون الميزر.. نحن أهل القرى وأبناء رغيف الخبز نعرفه، ولم ولن يبارح الخيال، ولنا عودة إليه كحكومة أمهات يتفقدن الميزر.