ثورة اون لاين- د.خلف علي المفتاح
تتجلى الوحدة الوطنية في أي بلد من بلدان العالم من خلال الالتفاف الشعبي حول قضايا وعناوين ذات طابع وطني، والالتفاف الشعبي حالة من التفاعل المجتمعي التي يمكن لحظها من خلال الحراك الشعبي الحاصل حولها ومعها،
ولعل متابعة ما شهدته الساحة السورية من تفاعل واضح مع موجبات الاستحقاق الرئاسي تؤكد حصول تلك الحالة، وهو ما لمسه كل متابع موضوعي لما شهدته الساحة السورية، وحيث تواجد السوريون في الخارج، وما أبدوه وعبروا عنه من مظاهر الفرح الشعبي العام أو التعبيرات الفردية بأشكالها المختلفة، سواء عبر الصور أم التعليقات وعبارات الترحيب والإشادة أم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وكل أشكال الإعلام اللانمطي.
إن وسائل قياس الرأي العام لم تعد محصورة بالأساليب والاستبيانات التقليدية فقط، إنما من خلال كل أشكال التعبير الأخرى، كانت رسائل أم تجمعات أم بيانات وأعمال فنية ومناشط ثقافية وتواقيع وغيرها من مظاهر الفرح والتأييد، ناهيك عن التجمعات الجماهيرية والشبابية المتخصصة بهذا الشأن .
لقد أثبتت الأيام التي أعقبت الاعلان عن أسماء من قُبِل ترشيحهم لموقع رئاسة الجمهورية العربية السورية والصادرة عن المحكمة الدستورية العليا أن الشعب السوري الذي عانى كثيراً من الإرهاب والقتل والتدمير الممنهج لم يغادر ما درج عليه من تقاليد وطنية أصيلة في طبائعه، ولم تستطع آلة القتل والدمار أن تسرق الفرح من قلوب أبنائه أو تستنفد وقوده الوطني، وما تربى عليه من معانٍ وطنية وإنسانية ونسق قيمي يميز جيداً بين الخبيث والطيب، كما أن آلة التضليل والخداع الإعلامي لم تفقده البصر والبصيرة على الرغم من كل ما امتلكته من وسائل التقانة الحديثة، واستثمرته من أبواق وأقلام مأجورة تعرض بضاعتها للبيع وفق آليات السوق في بورصات ممالك وإمارات البترو دولار .
إن الروح الوطنية السورية والتفاعل الخلّاق الذي أبداه السوريون في بلدان المغترب وإقبالهم الكثيف على صناديق الانتخاب، وما أظهروه من تعابير فرح على الرغم من كل ما تعرضوا له من مضايقات يعكس حالة التحدي التي يتحلى بها السوريون، سواء كانوا في الداخل أم الخارج في مواجهة هذه الحرب الكونية التي استهدفتهم مواطنين ووطناً، جيشاً وشعباً، دولة و مؤسسات، ولعل ما تجدر الاشارة اليه أن السوريين تعاملوا مع كل هذه الأشكال من الاستهداف بحسب ما تستدعيه الضرورة، فكانوا شجعاناً في ميادين القتال وأصحاب كلمة في محراب الثقافة وأصحاب جذر حضاري في تعاطيهم مع الاستحقاق في بعديه الدستوري والقانوني في بلدان المغترب، حيث قدموا أنفسهم وعبّروا عن مشاعرهم الوطنية الفياضة ومحبتهم لبلدهم واعتزازهم وإيمانهم وتأييدهم لسيادة الرئيس بشار الأسد وخياراته في مواجهة هذه الحرب، وفق تلك الصورة الحضارية التي رصدتها وسائل الإعلام المختلفة، وتابعها عشرات، بل مئات الملايين في أنحاء العالم .
إن الوحدة الوطنية السورية التي كنا ومازلنا نعتز بها ونعتبرها إحدى أهم عناصر قوتنا في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية مازالت بخير، وتنبئ عن عافية وطنية، وكلنا ثقة أنها ستكون في أحسن حالاتها وتجلياتها وتعبيراتها يوم الثالث من حزيران، والذي سيكون باعتقادنا يوماً مشهوداً في تاريخ الشعب العربي السوري يحفر صورة جميلة ورائعة في ذاكرتنا وضميرنا الجمعي .
khalaf.almuftah@gmail.com