مع اقتراب نهاية العام تعج الوسائل الإعلامية ببرامج وتفرد مساحات لرصد وتحليل الأحداث الدولية المفصلية التي تركت آثارها سواء إيجاباً أم سلباً، وهل زادت الملفات الساخنة سخونة أم جرى تبريدها، وهل ثمة انفراجات حدثت في الأزمات العالمية الكبرى بحلول دبلوماسية وتفاهمات أم العكس، في محاولة لتلخيص ما جرى خلال عام بات يطوي آخر أيامه لكن تداعيات أحداثه مستمرة.
الجلي لكل متمعن بكل الأحداث والأزمات التي عصفت وما تزال بالخريطة الدولية أن أميركا هي محراك الشر العالمي ليس هذا العام فحسب بل منذ عقود، ولها اليد الطولى في إشعال فتيل الاضطرابات بعيدان ثقاب عربدتها وافتعال الفتن بين الدول وان إداراتها هي من أججت نيران الحروب وجعلت أوروبا والعالم بمجمله على صفيح من شح موارد ونقص إمدادات في محاولة للاستئثار بالتفرد القطبي.
من أوكرانيا إلى الصين وروسيا وإيران وسورية وتايوان والمحيطين الهندي والهادي ، والقائمة تطول، البصمات الأميركية موجودة بكل جريمة لصوصية ونهب مقدرات وفي كل خراب عالمي ، بمنعها رأب التصدعات بجسور التفاهمات ونزع صواعق التهدئة ، وفي كل ذلك تتبع واشنطن سياسة حافة الهاوية وتضع العالم على فوهة بركان حروب وتوتر بتعاطيها مع القضايا الدولية الحساسة والشائكة.
فتعكير صفو العلاقات الدولية وتوسيع شروخ الخلافات، والشد على أيدي النازيين الجدد بأوكرانيا ودعم نظام تايوان الانفصالي لتهديد أمن روسيا والصين الاستراتيجي، وعرقلة إتمام الاتفاق النووي الإيراني، والإمعان بإرهابها الاقتصادي بحق الشعب السوري وسرقة ثرواته، بعض من جرائمها الفادحة.
تتصدر واشنطن هذا العام أيضا قائمة العار بانتهاكات حقوق الإنسان وبتهديد استقرار الدول وأمن شعوبها، وبإرهابها العسكري والاقتصادي الممارس علناً، فما تمارسه أميركا من جرائم بحق الإنسانية التي تضعها تحت مقصلة إرهابها وتجاربها المميتة لم يعد طي الكتمان وإن كان ما خفي أشد خبثاً وأكثر فتكاً و دموية.
لن نرجم بالغيب السياسي وتنبئ بقادم الأيام لكنه استقراء واستشراف منطقي تؤكده معطيات واضحة، بأن الميزان العالمي لن تبقى كفته راجحة لفائض عربدة واشنطن ،فثمة أقطاب واعدة أذِنَ بزوغ إشراقتها لتزيح العتمة الأميركية.
السابق
التالي